للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلنا: لو حملناه على حقيقته، لوجب للزوج أن يوقعَ التسريحَ عليها بعد الأَجَل ما لم تغتسل، كما له أن يراجعها؛ لأن الله - سبحانه - سوّى بينهما، ولا قائل بذلك من أهل العلم.

* - وفي الآية دليلٌ على أن المرأة إذا راجعها زوجُها، ثم طلَّقها مرة أخرى قبل الوَطْءِ أنها تستأنفُ العِدَّةَ من الطلاقِ الثاني؛ لوجودِ العلَّةِ التي نهى الله لأجلها، وهو الإضرار بطول العدة (١)، ولو كانتْ لا تستأنف لما أصابها ضررٌ، ولفقدت العلّةُ وبقيَ المعلولُ، ولا عذرَ، وهذا هو القولُ الجديدُ للشافعيِّ -رضي الله عنه (٢).

وقال داودُ، والشافعيُّ في القديمِ: لا تستأنفُ العدَّ (٣)؛ لظاهرِ قوله تعالى: {ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} [الأحزاب: ٤٩]، ولأنه لو عقد النكاح على المُخْتَلعَةِ في عِدَّتها، ثم طلَّقها، لم تستأنف العِدَّةَ.

وهو ضعيف؛ لأنه لو كانت لا تستأنف العدة، لم يحصل بها ضررٌ ولم


= ذهب إلى هذا كثير من العلماء. انظر: "المغني" لابن قدامة (١١/ ٢٥٤).
وانظر: "المحلى" لابن حزم (١٠/ ٢٥٩)، و"بداية المجتهد" لابن رشد (٢/ ٦٨)، و"المغني" لابن قدامة (١١/ ٢٠٤).
(١) في "ب": "المدة".
(٢) وهو قول المالكية، وأبي حنيفة وأبي يوسف، والمعتمد عند الشافعية، وعند الحنابلة قولان دون ترجيح؛ الأول: تستأنف، الثاني: تبين علي ما مضى.
انظر: "البناية" للعيني (٥/ ٤٢٨)، و"التفريع" لابن الجلاب (٢/ ١١٩)، و"مغني المحتاج" للشربيني (٥/ ٩٣)، و"المغني" لابن قدامة (١١/ ٢٤٤)، و"الإنصاف" للمرداوي (٩/ ٣٠٠).
(٣) وهو قول ابن حزم أيضًا. انظر: "المحلى" (١٥/ ٢٦٢)، و"مغني المحتاج" للشربيني (٥/ ٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>