للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يوجد المعنى الَّذي لأجله وردَ النهي، ولَخَلا المسبَّبُ عن سببه؛ فإنه روي أن الآية نزلت في ثابتِ بن يسار، طلَّقَ، فراجعَ، فطلق، لتطول العدةُ، إضرارًا (١)، والعملُ بالمسبَّبِ وإخراجُ سببه غيرُ جائز باتِّفاق أهلِ النظر والأصول.

* وفيها دليلٌ على أنَّه إذا طلَّقها، ثم طلقها من غير مراجعة وإمساك أنها لا تستأنفُ العدَّةَ، بل تبني على العدَّةِ الأولى (٢)، لقوله تعالى: {وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا} [البقرة: ٢٣١]، فدل (٣) على أن الضرر لا يحصل من غير إمساك، وفي ذلك خلافٌ عند الشافعية (٤).


(١) رواه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (٢/ ٤٨١) عن السدي قال: نزلت في رجل من الأنصار يدعى ثابت بن يسار طلق امرأته، حتَّى إذا انقضت عدتها إلا يومين أو ثلاثًا، راجعها، ثم طلقها، ففعل ذلك بها حتَّى مضت لها تسعة أشهر مضارة يضارها، فأنزل الله تعالى ذكره: {وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا}. وانظر: "العجاب في بيان الأسباب" لابن حجر (ص: ٤٠٤)، و"أسباب النزول" للسيوطي (ص: ٦٤).
(٢) وهو مذهب المالكية والشافعية والحنابلة. انظر: "الحاوي" للماوردي (١١/ ٣١٣)، و"التفريع" لابن الجلاب (٢/ ١١٩)، و"الإنصاف" للمرداوي (٩/ ٣٠٠).
(٣) في "ب": "ودلّ".
(٤) المذهب عند الشافعية: أنها تبني على العدة الأولى، لكن الخلاف موجود عندهم إذا كان الطلاق الثاني بائنًا؛ كأن يستكمل الثلاث أو يخالع، ففي ذلك وجهان: الأول: هو قول الإصطخري وابن خيران: أنها كالتي طلقت بعد الرجعة، فتستأنف العدة، أو تبني على قولين.
والثاني: وهو قول أبي إسحاق المروزي: أنها تبني على العدة، ولا تستأنف، قولًا واحدًا، وهو اختيار المزني. انظر: "الحاوي" للماوردي (١١/ ٣١٤)، و"روضة الطالبين" للنووي (٨/ ٣٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>