للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخوف، وصلاةُ الخوف لم تُشْرَعْ إلا بعدَ الخَنْدَقِ.

ويُشْكِلُ عليهِ قولُ الشافعيِّ -رحمه الله تعالى-: تحريم الكلام كان بمكة (١)، وروى حديثَ عبد الله بن مسعودٍ -رضي الله تعالى عنه- قال: كنا نسلمُ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو في الصلاةِ قبل أن نأتيَ أرضَ الحبشة، ويردُّ علينا وهو في الصلاة، فلما رجعنا من أرض الحبشة، أتيته لأسلمَ عليه، فوجدتُهُ يصلِّي، فسلمتُ عليه فلم يردَّ، فأخذني ما قَرُبَ وما بَعُدَ، فجلست، حتى إذا قضى صلاتَهُ، أتيتُهُ، فقال: "إن الله يُحْدِثُ منْ أمْرِهِ ما يَشاءُ، وإنَّ مِمَّا أحدَثَ أَلأَ تَتَكَلَّموا في الصَّلاةِ" (٢).

قال: المحفوظُ في حديث ابنِ مسعود هذا أن ابنَ مسعودٍ مرَّ على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بمكةَ، فوجده يصلي في فِناء الكعبة، وأن ابنَ مسعودٍ هاجرَ إلى الحبشةِ، ثم رجعَ إلى مكةَ، ثم هاجر إلى المدينة، وشهد بدراً، وأهلُ الحبشةِ لم يقدَموا إلا أيامَ خيبر (٣).

والجوابُ عن هذا الإشكال ممكنٌ، وذلك أنه يجوز أن يكون التحريمُ للكلام كان متقدِّماً على نزول الآية، ولم يعلف به (٤) ابنُ أَرْقَمَ، واستصحَبَ


= و"الإتقان" للسيوطي (١/ ٢٦).
(١) انظر: "السنن الكبرى" للبيهقي (٢/ ٣٥٩) وما بعدها.
(٢) رواه الإمام الشافعي في "الأم" (١/ ١٤٦)، والبخاري (٦/ ٢٧٣٥)، كتاب: التوحيد، باب: قول الله تعالى: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} تعليقاً بصيغة الجزم، وأبو داود (٩٢٤)، كتاب: الصلاة، باب: رد السلام في الصلاة، والنسائي في "السنن الكبرى" (٢٢٤٣)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (٤٨٠٣)، وابن حبان في "صحيحه" (٢٢٤٣)، والطبراني في "المعجم الكبير" (١٠١٢٣)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٢/ ٢٦٠).
(٣) انظر: "الأم" للإمام الشافعي (١/ ١٤٨).
(٤) في "ب" زيادة "زيد".

<<  <  ج: ص:  >  >>