للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يروى عنها مضطرباً، فروي: (وصلاة العصر)، كما روي عن عائشة (١)، ويروى (٢) بغير واو.

والراجح عندي أنها صلاة العصر؛ لما قدمناه من بيان النبيِّ ونصِّه على أنها صلاة العصر، ولما رواه البَراءُ من أنها كانت معينةً في كتاب الله سبحانه، ثم نُسِخَ تعيينُها، وإخبارُ الصحابي بمثلِ هذا النسخِ مقبولٌ.

وما ذكروه من وَجْهِ الدَّلالَةِ باطلٌ؛ فإن هذا مِمَّا نُسخ لفظُه، وبقيَ حكمُه (٣)، ألم تر إلى قولِ القائلِ للبراءِ: فهي إذاً (٤) صلاةُ العصر، كيف فهم أن التعيينَ باقٍ لم يَزُلْ، وكيف لم يردَّ عليه البراءُ مقالته، وإنما قال: أخبرتُك كيف نزلَتْ، وكيف نسخها الله.

* وأما قولُه تعالى: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: ٢٣٨] فقال البخاري: أي: مطيعين (٥)، وخرَّجَ عن زيدِ بنِ أرقم -رضي الله تعالى عنه- قال (٦): كنا نتكلمُ في الصلاة، يكلمُ أحدُنا أخاه في حاجته، حتى نزلت هذه الآية: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: ٢٣٨]، فأُمرنا بالسُّكوتِ (٧).

والظاهرُ أن نزول هذه الآية كان بالمدينة (٨)؛ لما فيها من ذكر صلاة


(١) رواه مسلم (٦٢٩)، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: الدليل لمن قال: الصلاة الوسطى هي صلاة العصر، عن أبي يونس مولى عائشة.
(٢) في "ب": "وروي".
(٣) انظر: "الاستذكار" (٥/ ٤٢٠)، و"التمهيد" كلاهما لابن عبد البر (٤/ ٢٧٧).
(٤) "إذاً"، ليست في "ب".
(٥) انظر: "صحيح البخاري" (٤/ ١٦٤٨).
(٦) "قال": ليست في "أ".
(٧) رواه البخاري (٤٢٦٠)، كتاب: التفسير، باب: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}.
(٨) سورة البقرة كلها مدنية. انظر: "البرهان في علوم القرآن" للزركشي (١/ ٢٨١)،=

<<  <  ج: ص:  >  >>