للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا أُغَيِّرُ شيئاً من مَكانِه (١).

وروينا فيه أيضاً عن أبي نَجيح عن مجاهدٍ: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} [البقرة: ٢٣٤] قال: كانت هذه العِدَّةُ عندَ أهلِ زَوْجها واجب، فأنزل الله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ} قال: جعل الله لها (٢) تمامَ السنة سبعة أَشْهُرٍ وعِشرين ليلةً، وَصِيَّةً، إن شاءتْ سكنتْ في وَصِيّتِها، إن شاءتْ خرجتْ، وهو قول الله عزَّ وجلَّ: {غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ}، فالعِدَّة كما هي واجب عليها.

ثم قال البخاري: زعم (٣) ذلك عن مُجاهدٍ (٤).

وكلامُ مجاهدٍ هذا يقتضي أن هذه الآية نزلت بعد الأولى، فهي بعدَها في النزول، كما هي بعدها في الترتيب، وأن الأربعةَ الأشهرِ والعَشْر حَتْمٌ، وأنَّ ما زاد عليها إلى تمام الحولِ مشروعٌ على التخيير، لم يُنْسَخْ، فهذه الآيةُ إما ناسخةٌ لِحَتْمِ الآيةِ الأولى، أو مبيِّنَةٌ لِما زاد من تمامِ السُّنةِ بعدَ الحَتْم.

ولكنَّ ما قاله لم يتابعْه عليه أحدٌ من أهل العلم (٥).


(١) رواه البخاري (٤٢٥٦)، كتاب: التفسير، باب: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا ....}، عن ابن أبي مليكة.
(٢) "لها" ليست في "أ".
(٣) أي: شِبْل -أحد رواة هذه الحديث-، كما قاله الحافظ في "الفتح" (٨/ ٢٤٦).
(٤) رواه البخاري (٤٢٥٧)، كتاب: التفسير، باب: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا ...}.
(٥) انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (١٨/ ٢٢٥)، و"تفسير الرازي" (٣/ ٢/ ١٧١)،=

<<  <  ج: ص:  >  >>