للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واقتصرت على هذا القدر، فإنه كافٍ في معرفة أصول الربا، وهو اللائق بكتابي هذا.

* وفي الآية دليل على أن من استحل ما حَرَّمَ اللهُ سبحانه ممَّا اتفقتْ عليه الأمةُ، وشاع تحريمُه فيها: أنه يكفُر بذلك (١)، وهو قوله تعالى: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: ٢٧٥].

ولا يخلد في النار إلا من هو كافرٌ (٢).

* وفيها دليل على أنه إذا استحل ذلك جاهلًا، فلا يَكْفُر؛ فإن الخطابَ يدلُّ على أن من لم تأتِهِ موعظةٌ من ربه، فلا حَرَجَ عليه.

* * *


= ومسلم (١٥٨٦)، كتاب: المساقاة، باب: الصرف وبيع الذهب بالورق نقدًا، وهذا لفظ مسلم.
(١) قال ابن قدامة في "المغني" (١٢/ ٢٧٦): من اعتقد حلَّ شيء أُجمع على تحريمه وظهر حكمه بين المسلمين، وزالت الشبهة فيه للنصوص الواردة فيه؛ كلحم الخنزير والزنا وأشباه هذا مما لا خلاف فيه كَفَر.
وانظر: "المجموع" للنووي (٣/ ١٦)، و"أحكام القرآن" للجصاص (٢/ ١٩٢)، و"شرح الطحاوية" لابن أبي العز (٢/ ٤٣٢).
(٢) هذا إذا قلنا إن الآية فيمن عاد إلى قوله {إنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا} مستحلًا ذلك، لأنه بذلك يكفر، فيكون الخلود خلود تأبيد. وإن قلنا: إنها فيمن فعل الربا غير مستحل له، فإن ذلك لا يكفر، فيكون الخلود خلود مستعارًا على معنى المبالغة؛ لأن الربا حينئذ كبيرة، ومرتكب الكبيرة إذا مات دون توبة فأمره إلى الله إن شاء عذبه، وإن شاء عفا عنه، وإن عذبه فلا يخلد في النار.
انظر: "تفسير الرازي" (٤/ ١/ ١٠٣)، و"زاد المسير" لابن الجوزي (١/ ٢٨٦)، و"المحرر الوجيز" لابن عطية (٢/ ٤٨٣)، و "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٢/ ٣٢٩/١).

<<  <  ج: ص:  >  >>