للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البَتَّة (١)، والصَّدَقَةُ أفضلُ من الصَّبْر، قال الله تعالى: {وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: ٢٨٠].

وقد اتفق المسلمون على إبطال هذا الربا كما أبطله اللهُ سبحانه (٢)، وأنا أظنه أنه المَعْنِيُّ بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّما الرِّبا النَّسِيئةُ" (٣)؛ أي: معظمُ الرِّبا وأَغْلَظُه (٤)؛ كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الحَجُّ عَرَفَةُ" (٥).

ونكتةُ التحريمِ أنَّ المُرْبيَ جعلَ للزمانِ عِوَضًا منَ المالِ، فَحَرَّمَ الشرعُ أن يُقابَلَ الزمانُ بعوضٍ في عَقْدٍ ابتداءً، وإن جازَ أن يُقابل به تَبَعًا؛ كما إذا باعه سِلْعةً تساوي ألفًا ناجزًا بألفين نَسيئةً (٦).


(١) "البتة" ليس (ب).
(٢) انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٢٠/ ٢٦٠)، و"المغني" لابن قدامة (٦/ ٥٢).
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) اختلف العلماء في تأويله على أقوال:
الأول: أنه منسوخ بأحاديث النهي عن ربا الفضل، ولكن النسخ لا يثبت بالاحتمال، كما قال ابن حجر، وقال النووي: أجمع المسلمون على ترك العمل بظاهره، وهذا يدل على نسخه.
الثاني: أنه محمول على غير الربويات، وهو كبيع الدين بالدين مؤجلًا.
الثالث: محمول على الأجناس المختلفة، فإنه لا ربا فيها من حيث التفاضل.
الرابع: مجمل بينته الأحاديث الأخرى.
الخامس: المراد به، الربا الأغلظ الشديد التحريم، المتوعد عليه بالعقاب الشديد، كما تقول العرب: لا عالم في البلد إلا زيد، مع أن فيها علماء غيره، وإنما القصد نفي الأكمل لا نفي الأصل. انظر: (شرح مسلم) للنووي (١١/ ٢٤)، و"فتح الباري" لابن حجر (٤/ ٤٨١).
(٥) تقدم تخريجه.
(٦) هذا ما يسمى ببيع التقسيط، وقد ذهب جمهور الأئمة الأربعة إلى جوازه، ونقل ابن قدامة فيه الاتفاق فقال: البيع نسيئة ليس بمحرم اتفاقًا، ولا يكره. انظر: =

<<  <  ج: ص:  >  >>