للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا}، فيه دليل على أن الرجل لا يُرجع في الشهادة إلى خَطِّهِ ويُعتمدُ عليه إلَّا إذا تَيَقَّنَهُ، ولم يَرْتَبْ فيه؛ لأن الله سبحانه إنما ندب إلى الكتاب لإقامة الشهادةِ ودفعِ الرِّيْبَةِ.

وعلى هذا جمهورُ أهل العلم. قال ابنُ المنذر: أكثرُ مَنْ نحفظُ عنه من أهلِ العلم يمنعُ أن يشهدَ الشاهدُ على خَطِّهِ إذا لم يذكر الشهادة (١).

وذهب مالكٌ إلى جواز الشهادة اعتمادًا على الخَطّ (٢).

وروى ابن المبارك عن مَعمرٍ، عن ابنِ طاوس، عن أبيه: في الرجل يشهد على شهادة، فينساها، قال: لا بأس أن يشهد إن وجدَ علامتَهُ في الصَّكِّ، أو خطَّ يده، واستحسنه ابنُ المبارك (٣).

* قوله تعالى: {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا}، رفع الله سبحانه عنا الجُناح في هذه الآية إذا كانتِ الحالةُ هذه، ومفهومُ الخطاب أنَّ علينا الجُناحَ في غيرِ هذه الحالة إذا لم نكتب.

وقد قدمتُ الجوابَ عن هذا.

* ومفهومُ الخطابِ يقتضي أن التجارةَ الحاضرةَ إذا كانت لا تُدار بيننا؛ كالدُّورِ والضِّياعِ، ألا نتركَ الكتابةَ فيها، وأنها تلحقُ بالدَّيْن، وهو كذلك؛


(١) انظر: "الإجماع" لابن المنذر (ص: ٧٨)، و"أحكام القرآن" لابن العربي (١/ ٣٤٠)، و "أحكام القرآن" للجصاص (٢/ ٢٥٦)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٢/ ١/ ٣٦٤)، و"المغني" لابن قدامة (١٤/ ١٤٠).
(٢) انظر: "أحكام القرآن" لابن العربي (١/ ٣٤١)، و"الذخيرة" للقرافي (١٠/ ١٦١)، و"تبصرة الحكام" لابن فرحون (١/ ١/ ٤٦١).
(٣) ذكره القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (٢/ ١/ ٣٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>