للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقيل بتخصيص الخطابِ للأزواج، وهو الظاهرُ؛ لسياقِ الخطاب معهم (١).

وانتصبَ (نِحلَةً) على المصدر؛ لأن النَّحْل في معنى الإيتاء (٢)، أي: عَطِيَّةً من الله سبحانه.

ويظهرُ لي انتصابُه على التمييز لنسبة الإيتاء؛ فإن النِّحْلَةَ: العطاءُ بغيرِ عِوَضٍ عن طيبِ نفسٍ من غيرِ مطالبةٍ، فالزوجُ مأمورٌ بإيتاءِ الصَّداقِ عن طيبِ نَفْسٍ، ومن غيرِ مطالَبةٍ، فإذا فعلَ ذلك، فكأنه أَنْحَلَها إيّاه، وأما ما يؤخذ بالخِصام، فلا يقال له: نِحْلة.

ويحتمل انتصابُه على المفعول لأجله، فالنِّحْلَةُ: الدِّيانَةُ، أي: تديُّنًا؛ لأجل الدِّينِ.

ويحتمل انتصابه على هذا التأويل على التمييز (٣)، ولهذا قال ابنُ عباس وغيرُه -رضي الله تعالى عنهم- في قوله: نِحْلَةً: فريضةً (٤).


(١) وهو قول ابن عباس وقتادة وابن جريج وابن زيد، وبه قال الجمهور.
انظر: "تفسير الرازي" (٥/ ١/ ١٨٧)، و"زاد المسير" لابن الجوزي (٢/ ٨٢)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٣/ ١/ ٢٢).
(٢) في "أ": "الإتيان".
(٣) ذكر الزمخشري لـ "نحلة" عدة وجوه من الإعراب:
الأول: النصب على المصدر؛ كأنه قيل: انحلوا النساء صدقاتهن نحلة.
الثاني: النصب على الحال من المخاطبين؛ أي: آتوهن صدقاتهن ناحلين طيبي النفوس بالإعطاء، أو: من الصدقات؛ أي: منحولة معطاة عن طيبة النفس.
الثالث: مفعول لأجله؛ أي: آتوهن مهورهن ديانةً.
انظر: "الكشاف" (٢/ ١٧)، وانظر: "تفسير البيضاوي" (١/ ٢٣٢).
(٤) رواه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (٤/ ٢٤١)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٣/ ٨٦١)، عن قتادة وابن جريج أنهما قالا: "فريضة"، وانفرد ابن جرير =

<<  <  ج: ص:  >  >>