للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثلثَ، فاختصت به مُؤْنتُهُ، ولم يجزِ التضييقُ عليهم في ملكهم.

وقال الزهريُّ: إن كان الميتُ موسِرًا، فمحلُّه رأسُ المال، وإن كان مُعْسِرًا، فالثلثُ (١).

وقال جمهورُ أهل العلم: محلُّه رأسُ المالِ مطلقًا، وبه قَالَ مالكٌ وأبو حنيفةَ، والشافعيُّ (٢)؛ لأنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في المحُرِمِ الذي خَرَّ من بعيره: "كفِّنوهُ في ثَوْبَيْهِ اللَّذَيْنِ ماتَ فيهما" (٣)، وكُفِّنَ مصعبُ بنُ عميرٍ في نَمِرَة ليس لهُ غيرُها (٤)، ولم يسأل عن الثلث، ولو كان يختصُّ بالثلث، لسألَ وَبيَّنَ؛ لأنه موضع الحاجة، ولأن المالَ إنما نقل إلى الورثة؛ لاستغناء الميتِ عنه، وهو غيرُ مستغنٍ عن كفنه ومُؤْنَةِ تجهيزِه.

وهذا التعليلُ ضعيف، فللمخالفِ أن يقول: لا أسلِّمُ أنَّ المالَ إنما انتقل إلى الوارثِ (٥) لذلك، بل إنما انتقل إلى الوارث؛ لأنه لا يتصور لمن


(١) انظر: "مصنف عبد الرزاق" (٣/ ٤٣٦ - ٤٣٧)، و"فتح الباري" لابن حجر (٣/ ١٤١)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (٤/ ٦٧).
(٢) انظر: "شرح فتح القدير" لابن التمام (٢/ ١١٣)، و"البحر الرائق" لابن نجيم (٢/ ١٩١)، و"حاشية ابن عابدين" (٢/ ٥٠٢)، و "الذخيرة" للقرافي (٢/ ٤٥٥)، و"المهذب" للشيرازي (١/ ١٢٩)، و"المجموع" للنووي (٥/ ١٤٥)، و"شرح مسلم" له أيضًا (٦/ ٧). وهو مذهب الحنابلة. انظر: "الكافي " لابن قدامة (١/ ٢٥٥).
(٣) رواه البخاري (١٢٠٦)، كتاب: الجنائز، باب: الكفن في ثوبين، ومسلم (١٢٠٦)، كتاب: الحج، باب: ما يفعل بالمحرم إذا مات، والإمام الشافعي في "الأم" (٢/ ٢٠٣)، عن ابن عباس، وهذا لفظ الشافعي.
(٤) رواه البخاري (١٢١٦)، كتاب الجنائز، باب: إذا لم يوجد إلا ثوب واحد، عن عبد الرحمن بن عوف.
(٥) "انتقل إلى الوارث" ليس في "ب".

<<  <  ج: ص:  >  >>