للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا أحدُ قولَي الشافعيِّ -رحمه الله تعالى- (١).

وقال أبو حنيفةَ ومالكٌ -رحمهما الله تعالى- والشافعيُّ في القول الجديد: إن الحدَّ لا يسقطُ بالتوبةِ (٢).

واستدلَّ قائلوه بإطلاقِ قوله: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي} [النور: ٢]، ولا دليلَ فيه؛ لأنه مطلقٌ، وهذا مقيدٌ بالتوبة، والمقيدُ قاضٍ على المطلقِ باتفاقِ أهل العلمِ بشروط الاستدلال.

وهذا عندي أقوى دليلًا، وبه أقول؛ للنص المذكور في الآية، ولقوله - صلى الله عليه وسلم - في ماعز: "هَلَّا تَرَكتُمُوهُ لَعَلَّهُ يَتُوبُ فَيتُوبَ اللهُ عَلَيْهِ" لَمَّا أخبروه أنه قال: رُدُّوني إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لَمّا مَسَّهُ ألمُ الحجارة (٣).

* وعطفُ الإصلاحِ على التوبة:

- يحتملُ أن يُرادَ به الإصلاحُ بنفسِ التوبة، أي (٤): فإن تابا وأصلحا بالتوبة.

- ويحتمل أن يرادَ به: فإن تابا وأصلَحا العمل، وهو الظاهر؛ لأن


(١) انظر: "المهذب" للشيرازي (٢/ ٢٨٥)، و"الحاوي" للماوردي (١٣/ ٣٧٠). وهو المعتمد عند الحنابلة. انظر: "المبدع" لابن مفلح (٩/ ١٥٢)، و "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (٣/ ٣٨٤).
(٢) انظر: "شرح فتح القدير" (٥/ ٤٢٩)، و"جامع الأمهات" لابن الحاجب (ص: ٥٢٢)، و"الذخيرة" للقرافي (١٠/ ٢١٨)، و"الحاوي" للماوردي (١٣/ ٣٧٠)، و"نهاية المحتاج" للرملي (٨/ ٨)، وهو الأظهر عند الشافعية.
(٣) رواه أبو داود (٤٤١٩)، كتاب: الحدود، باب: رجم ماعز بن مالك، والإمام أحمد في "المسند" (٥/ ٢١٧)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (٢٨٧٦٧)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (٢٣٩٣)، والحاكم في "المستدرك" (٨٠٨٢)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٨/ ٢١٩)، عن نعيم بن هزال.
(٤) "أي": ليست في "أ".

<<  <  ج: ص:  >  >>