للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- ثم اختلفوا على أقوالٍ كثيرةٍ، وأقوالُ بعضِهم قريبةٌ من بعض.

فقال زيدُ بنُ أسلمَ: الكبائرُ ما لا تصلحُ معه الأعمالُ (١). وكأنه يشيرُ إلى الشِّرْك، وجمعهُ لاخْتِلاف أنواعِ الكفر.

وقال الحسينُ بنُ الفضلِ: ما سماه اللهُ في القرآنِ كبيراً أو عظيمًا، نحو قولهِ تعالى {إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا} [النساء: ٢]، {إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا} [الإسراء: ٣١]، {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: ١٣]، {سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ} [النور: ١٦]، {إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا} (٢) [الأحزاب: ٥٣].

وقال سفيان الثوريُّ: الكبائرُ ما كان فيه تَظالُمُ العِباد فيما بينهم، والصغائرُ ما بينهم وبينَ الله عَزَّ وجَلَّ؛ لما روي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "يُنادي مُنادٍ من بُطْنانِ (٣) العَرَّشِ يومَ القيامة: يا أمةَ مُحَمَّدٍ! إنَّ اللهَ عزَّ وجَلَّ -قَدْ عفا عَنْكُمْ جَميعاً، المؤمنين والمؤمناتِ، تَواهَبوا المَظالِمَ، وادخُلوا الجنةَ بِرَحْمَتي" (٤)، ولأن الكريمَ لا يتعاظَمُه شيءٌ (٥).

وقال مالِكُ بنُ مِغْوَلٍ: الكبيرةُ ذنبُ المُبْتَدِع، والصغيرةُ ذنبُ السُّنِّيِّ (٦).


= ٩٣٤)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (٢٩٤).
(١) رواه ابن أبي حاتم في "التفسير" (٣/ ٩٣٤).
(٢) انظر: "تفسير الثعلبي" (٣/ ٢٩٦).
(٣) بُطنان: بُطنانُ الجنَّة وسطُها، ومعنى (من بطنان العرش): أي من وسطه، وقيل: من أصله، وقيل: البُطنان: جمعُ بطن، وهو الغامض من الأرض، يريد من دواخل العرش. "اللسان" (مادة: بطن) (١٣/ ٥٥).
(٤) رواه البغوي في "معالم التنزيل" (١/ ٤١٩) بإسناده.
(٥) انظر: "تفسير الثعلبي" (٣/ ٢٩٦)، و"مدارج السالكين" لابن القيم (١/ ٣٢٢).
(٦) انظر: "تفسير الثعلبي" (٣/ ٢٩٦)، و"تفسير البغوي" (١/ ٤١٩)، و"مدارج السالكين" لابن القيم (١/ ٣٢٢).
قلت: وقد أنكر بعضهم هذا التعريف واستبعده، ولكن له وجه ذكره ابن القيم =

<<  <  ج: ص:  >  >>