للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الرافعي: وهو أكثر ما يوجد للشافعية (١).

وقال بعضُ الشافعية: كل ما وجبَ فيه الحَدُّ، فهو كبيرة (٢).

وقال أبو سعد الهَرَوِيُّ منَ الشافعية: الكبيرةُ كلُّ فعل نَصَّ الكتابُ العزيزُ على تحريمه، وكل معصيةٍ يجبُ في جنسها حَدٌّ، وتركُ كلِّ فريضةٍ مأمورٍ بها على الفور، والكذبُ في الشهادة والرواية واليمين (٣).

ولما رأى المتأخرون اضطرابَ هذه الأقوال، وفسادَ كيبرٍ منها، اختلفوا:

فذهب بعضهم إلى أن الكبيرةَ ليس لها حَدّ معروفٌ، وإنما وردَ الشرعُ بوصفِ أنواع من المعاصي بأنها كبائرُ، وأنواع بأنها صغائرُ، وأهمل أنواعاً مشتملَةً على معنى الصغيرةِ والكبيرةِ، فلم يصفها، ولم يبينْها حكمُهُ؛ لزجر العِباد عن ارتكابها؛ مخافةَ أن تكونَ من الكبائر، فهذه شبيهة بإخفاء ليلةِ القَدْرِ وساعَة الجمعةِ، وبهذا قال أبو الحسنِ الواحديُّ (٤).

ومنهم من لاحظَ المعنى الذي لأجله سُميت كبيرةً.

فمنهم من نظرَ إلى تأثيرِ المعصيةِ في نفسها، فقال: كلُّ ما وردَ في الكتابِ العزيزِ وفي السُّنَّةِ الطاهرة لَعْنُ فاعلهِ، أو التشديدُ في الوعيد عليه، فهو كبير، ثم يُنظر فيما وقع من غيرِ ذلك، ويعتبر بالنسبة إليه، فإن ساواه


(١) انظر: "رفع الحاجب عن مختصر ابن الحاجب" للسبكي (٢/ ٣٨٠)، و"الزواجر" للهيتمي (١/ ٩).
(٢) انظر: "شرح مسلم" للنووي (٢/ ٨٦)، و"فتح الباري" لابن حجر (١/ ٣١٩).
(٣) انظر: "رفع الحاجب عن مختصر ابن الحاجب" للسبكي (٢/ ٣٨٠)، و"روضة الطالبين" للنووي (١١/ ٢٢٢).
(٤) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (١٠/ ٤١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>