للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَحِمِه؛ للأُخُوَّةِ التي آخى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بينهم، ولما نزلتْ: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ}، نُسِخَتْ.

ثم قال: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ} [النساء: ٣٣] منَ النُّصرةِ والرِّفادَةِ (١) والنصيحةِ (٢) (٣).

ومنهم من قال: إنها نازلة في الحليف، وكان له السُّدُسُ في صَدْرِ


(١) الرِّفادة: رَفَدَه وأرفده: أعانه بعطاء أو قول أو غير ذلك. "أساس البلاغة" (مادة: رفد) (ص: ٢٤٠).
(٢) رواه البخاري (٢١٧٠)، كتاب: الكفالة، باب: قول الله تعالى: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ}.
(٣) قد بين تفصيل الموالاة والمؤاخاة أثرٌ روي عن ابن عباس قال فيه: إن المؤمنين كانوا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ثلاث منازل، منهم المؤمن المهاجر المباين لقومه في الهجرة خرج إلى قوم مؤمنين في ديارهم وعقارهم وأموالهم وآووا ونصروا وأعلنوا ما أعلن أهل الهجرة وشهروا السيوف على من كذب وجحد فهذان مؤمنان جعل الله بعضهم أولياء بعض، فكانوا يتوارثون بينهم إذا توفي المؤمن المهاجر ورثه الأنصاري بالولاية في الدين، وكان الذي آمن ولم يهاجر لا يرث من أجل أنه لم يهاجر ولم ينصر، فبرأ الله المؤمنين المهاجريني من ميراثهم وهي الولاية التي قال الله: {مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا} وكان حقا على المؤمنين الذين آووا ونصروا إذا استنصروهم في الدين أن ينصروهم إن قاتلوا إلا أن يستنصروا على قوم بينهم وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - ميثاق فلا نصر لهم عليهم إلا على العدو الذين لا ميثاق لهم، ثم أنزل الله بعد ذلك أن ألحق كل ذي رحم برحمه من المؤمنين الذين هاجروا والذين آمنوا ولم يهاجروا فجعل لكل إنسان من المؤمنين نصيباً مفروضًا بقوله: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}، وبقوله: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}.
رواه الطبري (١٠/ ٥٢)، وانظر: "الدر المنثور" للسيوطي (٤/ ١١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>