للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* ثم أمر الله سبحانه الرجالَ بوعظِ الأزواج عند خوفِ نُشوزِهِنَّ، وذلك يكون بظُهور أَماراتِ النُّشوز، إما بالخُشونة وسوءِ الخُلُق، وإما بإخلافِ عادتِها في حسنِ طاعتِها ولينِ عِشْرَتها.

وأمرهم بهجرهنَّ وضربهنَّ، وذلك يكون عندَ ظهورِ النشوزِ وتحقُّقِه والإصرارِ عليه، لا عندَ خوفِه؛ فإنَّ ظهورَ أَماراته لا يُبيحُ الضربَ؛ لاحتمال خُلْفِ الأَماراتِ والخطأ فيها، فقد يكونُ ذلك منها لِغَمٍّ وضيق صدرٍ (١) (٢).

ونُقل عن بعضهم جوازُ الجمع بين الوعظِ والهجرانِ والضربِ؛ لأن الواو تقتضي الجمعَ، لا الترتيب (٣)، وحمل خَوْف النشوزِ على ظهورهِ والعلمِ به تَجَوُّزاً؛ كما في قوله تعالى: {فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: ١٨٢].


= اللفظ، وأقرب ما وجدته ما رواه ابن مردويه في "تفسيره" عن علي قال: أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل من الأنصار بامرأة له، فقال: يارسول الله! إن زوجها فلان بن فلان الأنصاري، وإنه ضربها، فَأَبَنَ -عاب- وجهها، فقال عليه السلام: "ليس له ذلك" فنزلت: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} الآية. فقال عليه السلام: "أردت أمرًا، وأراد الله غيره". وروى أبو داود في "مراسيله"، وابن أبي شيبة في "مصنفه"، والطبري في "تفسيره" عن الحسن: أن رجلاً لطم وجه امرأته، فأتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فشكت إليه، فقال: "القصاص"، فنزلت: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} ا. هـ، ما ذكره الزيلعي مختصراً.
(١) "صدر" ليس في "أ".
(٢) انظر: "الكشاف" للزمخشري (١/ ٥٣٩)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٥/ ١٧١)، و"المحرر الوجيز" لابن عطية (٢/ ٤٨).
(٣) القول بجواز الجمع بين الوعظ والهجران والضرب هو القول المرجوح عند الشافعية والحنابلة. انظر: "الأم" للشافعي (٥/ ١١٢)، و "الإنصاف" للمرداوي (٨/ ٣٧٧)، و"روضة الطالبين" للنووي (٧/ ٣٦٩)، و"المغني" لابن قدامة (٧/ ٢٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>