للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-رضي الله تعالى عنها- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إذا نَعَسَ أَحَدُكُمْ وهو يصلي، فَلْيَرْقُدْ حَتَّى يَذْهَبَ عنهُ النومُ؛ فإنَّ أَحَدَكُمْ إذا صَلَّى وهو يَنْعُسُ، لَعَلَّهُ يَذْهَبُ فَيَسْتَغْفِرُ، فيَسُبُّ نَفْسَهُ" (١).

* وحرمِ سبحانه علينا أيضاً قُربان الصلاة في حالِ الجَنابةِ حتى نَغْتسلَ، إلا أن نكون مُسافرين عادِمين للماء؛ فإنه أباحَ لنا قُربانَها إذا تيمَّمْنا صعيداً طيباً، فقال: {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} [النساء: ٤٣]، والتقدير: ولا جُنُباً حتى تغتسلوا، إلا عابري سبيل، فتقربونها، وإن لم تغتسلوا.

ثم قربانُها بغيرِ اغتسالٍ مطلقٌ في هذه الجملة، مقيدٌ بقَصْدِ الصعيدِ الطيبِ في الجملة التي بعدَ هذه.

فإن قال قائل: فهذا يقتضي أن الجنبَ لا يقرب الصلاة في الحضر إذا عدم الماءَ، ولا يجوز له التيممُ؛ لما في الاستثناء من الحَصْر.

قلنا:

- يحتمل أن يريد به الحصرَ في الإباحة؛ كما ذكرت، فدلَّ على أنه لا يجوز له في غير ذلك الحال؛ كما هو قولُ أبي حنيفة (٢).

- ويحتمل أن يكونَ الاستثناءُ ورَد على الغالب في الوجود؛ فإنَّ الماءَ لا يعدمُ غالباً إلا في السفر، وعدمُه في الحَضَر نادر، فلا يدلُّ على عدم


(١) رواه البخاري (٢٠٩)، كتاب: الوضوء، باب: الوضوء من النوم، ومن لم ير من النعسة والنعستين، أو الخفقة وضوءاً، ومسلم (٧٨٦)، كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: أمر من نعس في صلاته، وهذا لفظ مسلم.
(٢) انظر: "أحكام القرآن" للجصاص (٣/ ١٧٠)، (٤/ ٢)، و"الهداية شرح البداية" للمرغيناني (١/ ٢٥)، و"رد المحتار" لابن عابدين (١/ ٢٤٩).
وهناك من الحنفية من أجاز التيمم حال فقد الماء لغير المسافر، انظر: و"الهداية شرح البداية" للمرغيناني (١/ ٢٥)، و"العناية شرح الهداية" للبابرتي (١/ ١٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>