للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبوابُهم في المسجدِ، فتصيبهم جنابةٌ، ولا ماءَ عندهم، فيريدون الماءَ، ولا ممرَّ لهم إلا في المسجد، فأنزل الله هذه الآية (١).

وقد اختلف أهلُ العلم في ملابسةِ الجنبِ المسجد، فقال جمهورُ السلفِ: يجوزُ له العبورُ دونَ القَرار (٢)، وبه أخذ الشافعيُّ (٣).

فهؤلاء منهم من يقول بهذا التأويل؛ كابنِ عباسٍ، فجرى على تأويله (٤).

ومنهم من يقول بالقول الأول أن المرادَ بالنهي عينُ الصلاة، وإنما وافقه لدليلٍ آخرَ مثل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا أُحِلُّ المَسْجِدَ لِجُنُبٍ ولا لِحائِضٍ" (٥) (٦).

وربما ظنَّ ظانٌّ أن كلَّ من قال بجواز العبور للجنب أنه قائل بالمعنى الثاني؛ لموافقته للقائل به في الحكمِ، وليس كذلك؛ إذ لا يلزمُ من القَول بإيقاع النهيِ عن الصلاة القولُ بتحريم العبور.

وقال قوم: لا يقربُ المسجدَ بحالٍ، وهو قولُ مالكٍ، واحتجَّ له بما روت عائشةُ -رضي الله تعالى عنها-: أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "وَجِّهوا هذهِ البيوتَ (٧)


(١) رواه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (٥/ ٩٩).
(٢) انظر: "تفسير الطبري" (٥/ ٩٩)، و"أحكام القرآن" للجصاص (٣/ ١٦٦)، و"أحكام القرآن" لابن العربي (١/ ٥٥٥).
(٣) انظر: "الأم" كلاهما للشافعي (١/ ٥٤).
(٤) انظر: "زاد المسير" لابن الجوزي (٢/ ٩١)، و"المغني" لابن قدامة (١/ ٩٧)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٥/ ٢٠٦).
(٥) انظر تخريج الحديث الآتي إذ هو جزء منه.
(٦) انظر: "المجموع" للنووي (٢/ ١٨١)، و"تفسير ابن كثير" (١/ ٥٠٢).
(٧) أي: اصرفوا أبواب هذه البيوت التي فتحت إلى المسجد إلى جانب آخر كيلا يمر الجنب أو الحائض في المسجد.

<<  <  ج: ص:  >  >>