للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نعم يبقى فيه الاحتجاجُ للفريقِ الأول؛ فإن تحريمَ اللُّبْثِ مُتيَقَّنٌ بكلّ حال؛ لأنه إن كانَ المرادُ بالتحريم العبورَ، فاللبثُ داخلٌ فيه من طريق الأولى، وإن كان التحريمُ خاصًّا باللُّبثِ، فهو المقصودُ بالحكم.

وأما الحديثُ -وإن سلم الاحتجاج به- فقد ضَعَّفه أحمدُ؛ لأن راويَهُ مجهول (١).

فإن قال قائل: فأيُّ القولين أرجحُ وأولى: وقوعُ النهيِ على الصلاة، أو على موضعها؟

قلنا: الأولُ أولى من ثلاثة أوجه:

أحدها: أن فيه حملَ اللفظ على حقيقته، وعدمَ الإضمار، وحملُ اللفظِ على حقيقته أولى من المجاز (٢).

ثانيها: سياق آخر الآية حكُمهُ مختصٌّ بالصلاة، ولا يجوز أن يتعلق بموضِعِ الصَّلاة، فهذا يدل على أن أولَ الكلام كآخره؛ لما بينهما من الربط بحرف النَّسَق (٣).


(١) لم أقف على تضعيف أحمد لأفلت إلا في "شرح السنة" للبغوي (٢/ ٤٦)، ولفظه: وضعف أحمد الحديث، لأن راويه وهو أفلت بن خليفة مجهول.
وقد نقل عنه هذا التضعيف ابن حجر في "تهذيب التهذيب" (١/ ٣٢٠).
لكن نقل غير واحد عن الإمام أحمد خلاف هذا القول وأنه قال عن أفلت: لا أرى به بأسًا. انظر: و"نصب الراية" للزيلعي (١/ ١٦٨)، و"تهذيب الكمال" للمزي (٣/ ٣٢٠)، و"التلخيص الحبير" لابن حجر (١/ ١٣٩)، و"البدر المنير" لابن الملقن (٢/ ٥٥٩) وغيرهم.
(٢) انظر: "أحكام القرآن" للجصاص (٣/ ١٧٠)، و"التفسير الكبير" للرازي (١٠/ ٨٧).
(٣) انظر: "أحكام القرآن" للجصاص (٣/ ١٧٠)، و"أحكام القرآن" لابن العربي (١/ ٥٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>