للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الجوابُ، فإن الأصل والغالبَ على الأرض عدمُ النجاسةِ، ولاسيَّما في الفَيافي والقِفار، فَحَمْلُ الطيبِ على ما يناسبُه من جنسِه أولى من حَمله على ما لا يناسبُهُ، وحملُه على ما يُعْهَدُ في العادةِ أولى من حمله على ما لا يُقْصَدُ في العادة، لندوره، وهو المكانُ النجسُ في القِفار والخبوت (١).

وضعف قولُهم في المتولِّد والمتصاعِد بأن اسمَ الصَّعيدِ لا يتناولُ ذلك بوضعِ اللُّغة، وإنما يتناوله قياساً، والأسماءُ لا تثبُتُ بالقياس.

فإن (٢) قلت: فهل نجد في القرآنِ دليلاً على التخصيص بالتراب؟

قلت: نعم، قال الله تعالى: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة: ٦] و (من) موضوعةٌ للتبعيض، وذلك يقتضي أن يصيرَ على الوجهِ والأيدي شيءٌ من الصعيد، ولا يكون ذلك إلا في التراب.

والمُخالفون يحملونها على تبيين الجنس، أي: من الذي هو الصعيد، والحَمْلُ على الحقيقةِ خيرٌ من الحَمْل على المجاز (٣)، وسيأتي الكلامُ على صفةِ التيمِّمِ -إن شاء الله تعالى-.


(١) الخبت: الأرض الواسعة المستوية، والمتسع من بطون الأرض، والمفازة لا نبات فيها. انظر: "غريب الحديث" لابن قتيبة (١/ ٤٤٧)، و"لسان العرب" لابن منظور (٢/ ٢٧).
(٢) "فإن" ليس في "أ".
(٣) انظر: "بداية المجتهد" لابن رشد (١/ ٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>