للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانت فينا امرأةٌ، وفي رواية: كانت لنا عجوزٌ، تأخذُ من أُصولِ السِّلْقِ، فتطرحُهُ في القِدْرِ، وتُكَرْكِرُ (١) عليه حَبَّاتٍ من شعير، فإذا صَلَّينا الجمعةَ، انصرفْنا، فنسلمُ عليها، فتقدمُه إلينا (٢).

وما رويناه في "صحيح مسلم" عن أم هانئ بنتِ أبي طالبٍ -رضي الله تعالى عنها - قالت: أتيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يومَ الفَتْحِ وهو يَغْتَسِلُ، وفاطمةُ تسترُهُ، فَسَلَّمْتُ، وذَكَرَتِ الحديثَ (٣)، وسيأتي ذكرُ أقوالِ العلماءِ عندَ الكلامِ على الابتداء بالتحية.

- وأما الكافرُ، فإن كان كتابِيًّا، فحُكي عن مالكٍ وطائفةٍ من أهلِ العلمِ أنهم قالوا بعدم الردِّ (٤)، وظني أنهم أرادوا عَدَمَ وُجوبِ الرَّدِّ، وأما جوازُه فما أظنُّ فيه خلافاً؛ لصحةِ الأحاديثِ الواردةِ في ذلكِ من فِعْلهِ وقوله - صلى الله عليه وسلم -.

وذهبَ جُمهور السلفِ كابنِ عباس والشعبي وقتَادة إلى مشروعيَّةِ الردِّ عليهم (٥)، وبه قال الشافعيُّ (٦)، واحتج له بالأحاديثِ الواردةِ في صفةِ


(١) قال القعنبي: تُكركر، أي تطحن، وسُمّيت كركرةً، لترديد الرمى على الطحن؛ "اللسان" (مادة كرر) (٥/ ١٣٨).
(٢) رواه البخاري (٥٨٩٤)، كتاب: الاستئذان، باب: تسليم الرجال على النساء، والنساء على الرجال.
(٣) رواه البخاري (٢٧٦)، كتاب: الغسل، باب: التستر في الغسل عن الناس، ومسلم (٣٣٦)، كتاب: الحيض، باب: تستر المغتسل بثوب، ونحوه.
(٤) انظر: "شرح مسلم" للنووي (١٤/ ٣٢)، و"فتح الباري" لابن حجر (١١/ ٤٢).
(٥) انظر: "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع" للخطيب البغدادي (١/ ٣٩٨)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٥/ ٣٠٤)، و"فتح الباري" لابن حجر (١١/ ٤٢).
(٦) وهو مذهب الحنفية، لكن لا يزيد على قوله: وعليكم. انظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (١٤/ ١٤٧)، و"شرح مسلم" للنووي (١٤/ ١٤٥)، و"أحكام أهل=

<<  <  ج: ص:  >  >>