للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكيف يجُب الردُّ عليهم، واللهُ يقولُ في أمثِالهم: {وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ} [المجادلة: ٨].

ومعلومٌ أنَّ الشافعيَّ ما أرادَ إلا ما أرادَهُ ابنُ عباسٍ، لا حقيقةَ الوجوبِ كما توهَّمَهُ بعض (١) أصحابه.

وصفةُ الردِّ عليهم ما قَدَّمنا من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وعليكم" أو: "عليكم" (٢) (٣).

وأما على المُسْلِم، فالأفضلُ أن يقولَ: (وعليكُم السلامُ ورحمةُ الله وبركاتُه) (٤)، وهذا هو الأحسنُ الذيَ ندب اللهُ إليهِ المؤمنين.


(١) "بعض": ليس في "أ".
(٢) انظر: "شرح مسلم" للنووي (١٤/ ١٤٤)، و "فتح الباري" لابن حجر (١١/ ٤٥).
(٣) قد استشكل بعضهم دخول الواو في الجواب ورجح كون الجواب: (عليكم) بدون الواو حتى لا يقع الاشتراك معهم، وقد أجيب عن هذا، ومن أفضل الأجوبة جواب ابن القيم حيث قال: إدخال الواو في الحديث لا تقتضي محذوراً البتة، وذلك لأن التحية التي يحيون بها المسلمين غايتها الإخبار بوقوع الموت عليهم وطلبه؛ لأن السام معناه: الموت، فإذا حيوا به المسلم فرده عليهم كان من باب القصاص والعدل، وكان مضمون رده أنَّا لسنا نموت دونكم بل وأنتم أيضاً تموتون فما تمنيتموه لنا حال بكم واقع عليكم.
وأحسن من هذا أن يقال: ليس في دخول الواو تقرير لمضمون تحيتهم بل فيه ردها وتقريرها لهم؛ أي: ونحن أيضاً ندعو عليكم بما دعوتم به علينا فإن دعاءهم قد وقع، فإذا رد عليهم المجيب بقوله: (وعليكم) كان في إدخال الواو سر لطيف وهو الدلالة على أن هذا الذي طلبتموه لنا ودعوتم به هو بعينه مردود عليكم لا تحية غيره فإدخال الواو مفيد لهذه الفائدة الجليلة. انظر: "بدائع الفوائد" لابن القيم (٢/ ٤٠٢).
(٤) انظر: "شرح السنة" للبغوي (١٢/ ٢٥٦)، و"زاد المسير" لابن الجوزي (٢/ ١٥٢)، و"شرح مسلم" (١٤/ ١٤١)، و "الأذكار" كلاهما للنووي (ص: ١٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>