للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليكُمْ، فقلْ: عَلَيْكَ" (١) والرُّد عليهم ليسَ بردٍّ للتحيَّةِ، وإنما هو دعاءٌ عليهم مكافأةً لدُعائِهم علينا.

قالت عائشةُ -رضي الله تعالى عنها - إن اليهودَ أَتَوُا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: السَّامُ عليكَ، قال: وعليكُم، فقالت عائشةُ: السَّامُ عليكُمْ، ولعنَكُمُ اللهُ، وغَضِبَ الله عليكَم، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَهْلاً يا عائشةُ! عَلَيْكِ بالرِّفْقِ، وإياكِ والعُنْفَ (٢) والفُحْشَ" قالت: أَوَ لَمْ تسمع ما قالوا؟ قال: "أَوَ لَمْ تَسْمَعي ما قُلْتُ؟ رَدَدْتُ عليِهْم، يسُتجابُ (٣) لَي فيهم، ولا يُستجابُ لَهُمْ فيَّ" (٤).

وقد تنبه عطاء لفقهِ الآيةِ فقال: الآيةُ للمؤمنينَ خاصَّةً، ومَنْ سَلَّمَ مَن غيرِهم، قيل له: عليكَ؛ كما جاءَ في الحديث (٥)، وهذا يدلُّ على أنَّ قولَ ابنِ عبّاسٍ وغيرِه: إنَّما أُمِرْنا بالردِّ على الكافرِ أدباً لا وجوباً؟!

وبهذا قال مالكٌ -رحمه الله-، فحينئذ يرتفعُ الخِلافُ (٦).


(١) رواه البخاري (٥٩٠٢)، كتاب: الاستئذان، باب: كيف الرد على أهل الذمة بالسلام، ومسلم (٢١٦٤)، كتاب: السلام، باب: النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام، وكيف الرد عليهم، عن عبد الله بن عمر.
(٢) في "ب": "والغضب".
(٣) في "ب": "فيستجاب".
(٤) رواه البخاري (٦٠٣٨)، كتاب: الدعوات، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يستجاب لنا في اليهود، ولا يستجاب لهم فينا"، ومسلم (٢١٦٥)، كتاب: السلام، باب: النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام، وكيف الرد عليهم، وهذا لفظ البخاري.
(٥) انظر: "تفسير الطبري" (٥/ ١٨٩)، و"تفسير ابن أبي حاتم" (٣/ ١٠٢١)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٥/ ٣٠٣).
(٦) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (١١/ ٤٢)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٥/ ٣٠٤) (١٧/ ٢٩٣)، و"مواهب الجليل" للحطاب (٣/ ٢٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>