للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* وكذا الحكمُ في الهجرة في زمننا تجبُ عليهِ إن كانَ لا يتمكنُ من إظهارِ دينه، ويُستحبُّ إن كان يتمكنُ من إظهار دينه.

* والبدعة تجري مَجْرى الكُفْر في وجُوبِ الهِجْرةِ أو استحبابِها (١).

* وأما سائرُ المعاصي، فتستحبُّ، ولا تجبُ الهجرةُ لأجلِها، إلا أن يغلبَ عليها الحرامُ، فإن طلبَ الحلالِ فرضٌ (٢).

* ثم استثنى الله القومَ الذين يَصِلون إلى أهلِ العهدِ والميثاق، فقال: {إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ} [النساء: ٩٠].

والذين بينهم وبينَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ميثاقٌ همُ الأَسْلَمِيُّون، وذلكَ أن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وادع هلالَ بنَ عُوَيْمِرٍ الأَسْلَمِيَّ قبلَ خرُوجِه إلى مكةَ على ألاَّ يُعينَه ولا يُعينَ عليه، ومن وَصَلَ إلى هِلالٍ من قومِه وغيرِهم، ولجأ إليهم، فلهمْ من الجِوارِ مثلُ ما لِهلالٍ (٣).

وقال الضحاك عن ابن عباس: أرادَ بالقومِ الذين بينكم وبينهم ميثاق:


(١) قال الإمام مالك: لا يحل لأحد أن يقيم ببلد سب فيها السلف.
قال ابن العربي: وهذا صحيح، فإن المنكر إذا لم يقدر على تغييره نزل عنه قال الله تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [الأنعام: ٦٨]. انظر: "أحكام القرآن" لابن العربي (١/ ٦١١).
(٢) وورد عن ابن عباس تفسير قوله تعالى: {إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ}.
انظر: "تفسير البغوي" (٤/ ٧٤)، و"الفروع" لابن مفلح (٦/ ١٨٦)، و"الإنصاف" للمرداوي (٤/ ١٢١).
(٣) رواه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (٥/ ١٩٢ - ١٩٣)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (٥٧٤٤)، وعبد بن حميد، وابن المنذر في "تفسيريهما"، كما نسبه إليهما السيوطي في "الدر المنثور" (٢/ ٦١٠)، عن مجاهد.

<<  <  ج: ص:  >  >>