للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دَلالةِ المَفهوم والمنطوق، فقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} يقتضي بمفهومه أن الله سبحانه يَغْفِرُ لمنْ لا يشركُ به، فهو كافٍ في دلالة التقييد، فزاده تأكيداً وبياناً، فقال: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}.

وثانيها: تظاهرُ الآياتِ والأحاديثِ المؤكدة بحكمها الواردة بمعناها؛ كقول الله جل جلاله: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ} [الأنبياء: ٩٤]، وقوله تعالى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: ١١٤].

ولا ينبغي أن يُذْهِبَ إثمُ القتلِ أجرَ الإيمانِ والتوحيد، وإلا لكانَ السيئاتُ يذهبْنَ الحسناتِ، والحسناتُ لا يذهبْنَ السيئاتِ، وذلك مخالف لنصَّ القرآن العزيز.

وقوله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (٨)} (١) [الزلزلة: ٧ - ٨].

وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من لقِيَ اللهَ لا يُشْرِكُ بهِ شيئاً، لَمْ تَضُرَّهُ معهُ خَطيئةٌ، ومن لقيهُ يشركُ به شيئاً، لم ينفعْهُ معهُ حسنةٌ" (٢).

وروى جابر بن عبد الله -رضي الله تعالى عنهما -: أن رجلاً أتى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله! ما الموجبتان - فقال: "مَنْ ماتَ لا يُشْرِكُ باللهِ شَيْئاً، وَجَبَتْ لهُ الجَنةُ، ومَنْ ماتَ يُشْرِكُ باللهِ شَيْئاً، وجَبَتْ لهُ النارُ" (٣).


(١) انظر: "المحرر الوجير" لابن عطية (٢/ ٦٥)، و"التفسير الكبير" للرازي (١٠/ ١٨٩ - ١٩٢)، و "تفسير القرطبي" (٥/ ٣٣٤).
(٢) رواه الإمام أحمد في "المسند" (٢/ ١٧٠)، والطبراني في "المعجم الكبير" (١/ ١٩ - معجم الزوائد)، عن عبد الله بن عمرو بن العاص. قال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح ما خلا التابعي فإنه لم يسم.
(٣) رواه عبد بن حميد في "مسنده" (١٠٦٠)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (٢/=

<<  <  ج: ص:  >  >>