للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد روى الشيخان في "صحيحهما" عن ابن عباسٍ -رضي الله تعالى عنهما-: أن رفعَ الصوتِ بالذكرِ حينَ ينصرفُ الناسُ من المكتوبةِ كانَ على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال ابن عباس: كنت أعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعتُه (١).

ويحتمل أن يكونَ المرادُ بالذكرِ ذكراً مخصوصاً، وهو الصلاةُ، وهذا المعنى هو الظاهرُ من سياقِ الخطاب (٢).

ويدلُّ عليه قولُه تعالى: {فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} [النساء: ١٠٣].

وما رُوي عن ابنِ مسعود -رضي الله تعالى عنه-: أنه رأى الناسَ يَضِجُّونَ في المسجد، فقال: ما هذه الضجة؟ فقالوا: أليس اللهُ تعالى يقول: {فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ} [النساء: ١٠٣]، فقال: إنما تعني هذه الآيةُ الصلاةَ المكتوبةَ، إن لم تستطعْ قائماً فقاعداً، فإن لم تستطعْ فعلى جنبك (٣).

فبين اللهُ سبحانه فيها حُكْمَ أصحابِ الضرورةِ القائمةِ بهم بعدَ بيانِ حكمِ أصحابِ المشقةِ من أولي السفرِ والقتال، وذو الضرورة أولى بالجوازِ منهم.


= العربي (١/ ٦٢٤)، و"زاد المسير" لابن الجوزي (٢/ ١٨٧).
(١) رواه البخاري (٨٠٥)، كتاب: صفة الصلاة، باب: الذكر بعد الصلاة، ومسلم (٥٨٣)، كتاب: المساجد ومواضع الصلاة، باب: الذكر بعد الصلاة.
(٢) وهو قول ابن مسعود رضي الله عنه. انظر: "الرسالة" للإمام الشافعي (ص: ٢٦٤)، و"الاستذكار" لابن عبد البر (٢/ ٢١٦)، و"زاد المسير" لابن الجوزي (٢/ ١٨٧)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٤/ ٣١١).
(٣) رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" (٤٦٥٦)، والطبراني في "المعجم الكبير" (٩٠٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>