للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلنا: الحديثُ يدلُّ على ما ذكرتَ من عدمِ ميراثِ الأختِ مع البنت، وعلى عُموم الولدِ للذكرِ والأنثى.

ولهذا ذهب داودُ وطائفةٌ إلى أنها لا ترثُ مع البنتِ شيئاً، وهو قولُ ابنِ عَبّاسٍ -رضي الله تعالى عنهما (١) -.

ولكن العمومَ لا تقومُ دلالتُه إلا إذا لمْ يعارضْهُ ما هو أقوى منه.

وهذا العمومُ والإطلاقُ قد عارضَهُ ما روى ابنُ مسعودٍ -رضي الله تعالى عنه-: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في ابنةٍ وابنةِ ابنٍ وأختٍ: للبنتِ النصفُ، ولابنةِ الابنِ السُّدُسُ تكملة الثلثين، وما بقيَ فللأخت (٢).

فذهب الجمهورُ إلى هذا النص، وخَصُّوا به العمومَ، ودلَّهم على أن المرادَ بالولدِ الذكرُ، لا عمومُ الذكرِ والأنثى، فالخلافُ آيِلٌ إلى أن الوراثةَ مع البنتِ هل هيَ كَلاَلة أو لا؟

فعند الجمهورِ كلالة (٣).

وعندَ ابنِ عباسٍ وداودَ ليسَ بكلالةٍ، وكانَ ابنُ الزبير يقولُ في هذه المسألةِ بقولِ ابنِ عباسٍ حتى أخبرَهُ الأسودُ بنُ زيدٍ أنَّ معاذاً قَضى في بنتٍ وأختٍ، فجعل المالَ بينهنَ نصفين (٤).

فإن قلت: فالكلالةُ هل المرادُ بها الوارثُ أو الميت؟


(١) انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٥/ ٣٣٤)، و"بداية المجتهد" لابن رشد (٢/ ٢٥٨)، و"شرح مسلم" للنووي (١١/ ٥٩).
(٢) رواه البخاري (٦٣٥٥)، كتاب: الفرائض، باب: ميراث ابنة ابن مع ابنة.
(٣) انظر: "أحكام القرآن" لابن العربي (١/ ٤٥٢)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٦/ ٢٩)، و"الاستذكار" لابن عبد البر (٥/ ٣٣٤).
(٤) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٦/ ٤٢٤) (٣١٠٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>