من هذا نرى أن أهل بيت رسول الله ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ هم: زوجاته أمهات المؤمنين ـ رضي الله تعالى عنهن، وذريته وذوو قرباه ـ رضي الله تعالى عنهم: كعلى بن أبى طالب، وابن عباس وأبيه، وجعفر، وغيرهم. وأهل السنة والجماعة يقدرون أهل البيت جميعا حق قدرهم، وينزلون هؤلاء الأطهار منزلتهم، ويأخذون بما صح عنهم من الأحاديث والآثار، وكتبنا تشهد بذلك: انظر مثلا ما روى عن فضائلهم في كتب السنة المشرفة، وما روى عنهم من الأحاديث الشريفة والآثار.
والرسول ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ لم يختص أحدا بعلم دون غيره، وإنما علم صحابته الكرام، وأهل بيته الأطهار، وعلى الأخص زوجاته أمهات المؤمنين.
والصحابة الكرام جميعا ـ سواء منهم من كان من أهل البيت ومن كان من غيرهم من المهاجرين والأنصار، هم خير أمة أخرجت للناس، شهد لهم ربهم عز وجل في كثير من آيات كتابه البينات المحكمات، وكفى بالله شهيدا، وشهد لهم الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وما أعظم شهادة من لا ينطق عن الهوى، المبلغ والمبين عن الله ـ سبحانه وتعالى.
وعن هؤلاء الصحابة الكرام، الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه، نقل إلينا كتاب ربنا العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وسنة نبينا المطهرة، وما يتصل بهما من البيان والأحكام، فتم علينا نعمة الله ـ تبارك وتعالى.
ولذلك اشتهر قول أبى زرعة الرازى:
" إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فاعلم أنه زنديق. وذلك أن القرآن حق، والرسول حق، وما جاء به حق. وما أدى إلينا ذلك كله إلا الصحابة فمن جرحهم إنما أراد إبطال الكتاب والسنة، فيكون الجرح به أليق، والحكم عليه بالزندقة والضلال أقوم وأحق ".