بلال: إن حضرت الصلاة ولم آت فمر أبا بكر فليصل بالناس، فلما حضرت صلاة العصر أقام بلال الصلاة. ثم أمر أبا بكر فصلى. ووجه ما تقرر من أن الأمر بتقديمه للصلاة كما ذكر فيه الإشارة أو التصريح بأحقيته بالخلافة؛ لأن القصد الذاتى من نصب الإمام العالم إقامة شعائر الدين على الوجه المأمور به من أداء الواجبات وترك المحرمات وإحياء السنن، وإماتة البدع، وأما الأمور الدنيوية وتدبيرها كاستيفاء الأموال من وجوهها وإيصالها لمستحقها ودفع الظلم، ونحو ذلك فليس مقصودا بالذات، بل ليتفرغ الناس لأمور دينهم إذ لا يتم تفرغهم له إلا إذا انتظمت أمور معاشهم بنحو الأمن على الأنفس، والأموال، ووصول كل ذى حق إلى حقه، فلذلك رضى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأمر الدين، وهو الإمامة العظمى، أبا بكر بتقديمه للإمامة في الصلاة، كما ذكرنا ومن ثم أجمعوا على ذلك كما مر.
وأخرج ابن عدى عن أبى بكر بن عياش قال: قال لي الرشيد: يا أبا بكر كيف استخلف الناس أبا بكر الصديق؟ قلت: يا أمير المؤمنين: سكت الله وسكت رسوله وسكت المؤمنون. قال والله وما زدتنى إلا عماء، قلت: يا أمير المؤمنين مرض النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثمانية أيام، فدخل عليه بلال، فقال يا رسول الله: من يصلى بالناس؟ قال: مر أبا بكر يصلى بالناس، فصلى أبو بكر بالناس ثمانية أيام والوحي ينزل عليه (١) ، فسكت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لسكوت الله، وسكت المؤمنون لسكوت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأعجبه فقال: بارك الله فيك.
٦ ـ أخرج ابن حبان عن سفينة: لما بنى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المسجد وضع في البناء حجرا، قال لأبى بكر: ضع حجرك إلى جنب حجرى، ثم قال لعمر: ضع حجرك إلى جنب حجر أبى بكر، ثم قال لعثمان: ضع حجرك إلى جنب حجر عمر، ثم قال: هؤلاء الخلفاء بعدى. قال أبو زرعة: إسناده لا بأس به، وقد أخرجه الحاكم في المستدرك، وصححه، والبيهقى في الدلائل، وغيرهما. وقوله
(١) أي على الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.