للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لعثمان ما ذكر يرد على من زعم أن هذا إشارة إلى قبورهم. على أن قوله آخر الحديث: هؤلاء الخلفاء بعدى صريح فيما أفاده الترتيب الأول أن المراد به ترتيب الخلافة (١) .

هذه بعض الأحاديث التي ذكر أنها تنص على إمامة أبى بكر. وأراد بعد هذا أن يبين أن الموضوع محل خلاف، ولذلك جعل عنوان الفصل الرابع " في بيان أن النبي ـ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هل نص على خلافة أبى بكر؟

وقال (ص ٤٢ وما بعدها) :

اعلم أنهم اختلفوا في ذلك. ومن تأمل الأحاديث التي قدمناهاعلم من أكثرها أنه نص عليها نصا ظاهرا. وعلى ذلك جماعة من المحدثين وهو الحق، وقال جمهور أهل السنة والمعتزلة والخوارج: لم ينص على أحد، ويؤيدهم ما أخرجه البزار في مسنده عن حذيفة قال: قالوا يا رسول الله: ألا تستخلف علينا؟ قال: إنى إن أستخلف عليكم فتعصون خليفتى ينزل عليكم العذاب. وأخرجه الحاكم في المستدرك لكن في سنده ضعف. وما أخرجه الشيخان عن عمر أنه قال حين طعن: إن أستخلف فقد استخلف من هو خير منى (يعنى أبا بكر) ، وإن أترككم فقد ترككم من هو خير منى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وما أخرجه أحمد والبيهقى بسند حسن عن على أنه لما ظهر على يوم الجمل قال: أيها الناس إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يعهد إلينا في هذه الإمارة شيئا حتى رأينا من الرأي أن نستخلف أبا بكر، فأقام واستقام حتى مضى لسبيله، ثم إن أبا بكر رأي من الرأي أن نستخلف عمر، فأقام واستقام حتى ضرب الدين بجرانه، ثم إن أقواما طلبوا الدنيا فكانت أمور يقضى الله فيها. والجران بكسر الجيم باطن عنق البعير يقال ضرب بجرانه الشئ أي استقر وثبت.

وأخرج الحاكم وصححه أنه قيل لعلى: ألا تستخلف علينا؟ فقال: ما استخلف رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأستخلف، ولكن إن يرد الله الناس خيرا فسيجمعهم بعدى


(١) انظر كتاب الصواعق ص ٣٥: ٣٩.

<<  <   >  >>