على خيرهم. وما أخرجه ابن سعد عن على أيضا قال: قال على: لما قبض النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نظرنا في أمرنا فوجدنا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد قدم أبا بكر في الصلاة، فرضينا لدنيانا ما رضيه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لديننا فقدمنا أبا بكر. وقول البخاري في تاريخه: روى عن ابن جمهان عن سفينة أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لأبى بكر وعمر وعثمان: هؤلاء الخلفاء بعدى. قال البخاري: ولم يتابع على هذا لأن عمر وعليا وعثمان قالوا لم يستخلف النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. انتهى، ومر أن هذا الحديث، أعنى قوله هؤلاء الخلفاء بعدى، صحيح ولا منافاة بين القول بالاستخلاف والقول بعدمه لأن مراد من نفاه أنه لم ينص عند الموت على استخلاف أحد بعينه، ومراد من أثبته أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نص عليه وأشار إليه قبل ذلك. ولا شك أن النص على ذلك قبل قرب الوفاة يتطرق إليه الاحتمال، وإن بعد بخلافه عند الموت، فلذلك نفى الجمهور كعلى وعمر وعثمان الاستخلاف، ويؤيد ذلك قول بعض المحققين من متأخرى الأصوليين: معنى لم ينص عليها لأحد لم يأمر بها لأحد. على أنه قد يأخذ مما في البخاري عن عثمان أن خلافة أبى بكر منصوص عليها، والذى فيه في هجرة الحبشة عنه من جملة حديث أنه قال: وصحبت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبايعته ووالله ما عصيته ولا غششته حتى توفاه الله، ثم استخلف الله أبا بكر، فوالله ما عصيته ولا غششته، ثم استخلف عمر فو الله ما عصيته ولا غششته. الحديث.
فتأمل قوله في أبى بكر: ثم استخلف الله أبا بكر، وفى عمر: ثم استخلف عمر، تعلم دلالته على ما ذكرته من النص على خلافة أبى بكر، وإذا أفهم كلامه هذا ذلك مع ما مر عنه من أنها غير منصوص عليها تعين الجمع بين كلاميه بما ذكرناه. وكان اشتمال كلاميه على ذلك مؤيدا للجمع الذي قدمناه، وعلى كل فهو صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يعلم لمن هي بعده بإعلام الله له، ومع ذلك فلم يؤمر بتبليغ الأمة النص على واحد بعينه عند الموت، وإنما وردت عنه ظواهر تدل على أنه علم بإعلام الله له أنها لأبى بكر، فأخبر بذلك كما مر، وإذا أعلمها فإما أن يعلمها علما واقعا موافقا للحق في نفس الأمر أو أمرا