واقعا مخالفا له، وعلى كل حال لو وجب على الأمة مبايعة غير أبى بكر لبالغ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في تبليغ ذلك الواجب إليهم بأن ينص عليه نصا جليا ينقل مشتهرا حتى يبلغ الأمة ما لزمهم، ولما لم ينقل كذلك مع توفر الدواعى على نقله دل على أنه لا نص. . وتوهم أن عدم تبليغه لعلمه بأنهم لا يأتمرون بأمره فلا فائدة فيه باطل، فإن ذلك غير مسقط لوجوب التبليغ عليه، ألا ترى أنه بلغ سائر التكاليف للآحاد مع الذين علم منهم أنهم لا يأتمرون فلم يسقط العلم بعدم ائتمارهم التبليغ عليه؟ واحتمال أنه بلغ أمر الإمامة سرا ـ واحدا واثنين ـ ونقل كذلك لا يفيد؛ لأن سبيل مثله الشهرة لصيرورته بتعدد التبليغ وكثرة المبلغين أمرا مشهورا، إذ هو من أهم الأمور لما يتعلق به من مصالح الدين والدنيا كما مر، مع ما فيه من دفع ما قد يتوهم من إثارة فتنة.
واحتمال أنه بلغه مشتهرا ولم ينقل أو نقل ولم يشتهر فيما بعد عصره باطل أيضا، إذ لو اشتهر لكان سبيله أن ينقل نقل الفرائض لتوفر الدواعى على نقل مهمات الدين، فالشهرة هنا لازمة لوجود النص، فحيث لا شهرة لا نص بالمعنى المتقدم لا لعلى ولا لغيره، فلزم من ذلك بطلان ما نقله الشيعة وغيرهم من الأكاذيب وسودوا به أوراقهم من نحو خبر: أنت الخليفة من بعدى وخبر سلموا على على بإمرة المؤمنين، وغير ذلك مما يأتي. إذ لا وجود لما نقلوه فضلا عن اشتهاره، كيف وما نقلوه لم يبلغ مبلغ الآحاد المطعون فيها، إذ لم يصل علمه لأئمة الحديث المثابرين على التنقيب عنه كما اتصل لهم كثير مما ضعفوه. وكيف يجوز في العادة أن ينفرد هؤلاء بعلم صحة تلك الآحاد مع أنهم لم يتصفوا قط برواية ولا بصحبة محدث؟ ويجهل تلك الآحاد مهرة الحديث وسباقه الذي أفنوا أعمارهم في الرحلات والأسفار البعيدة وبذلوا جهدهم في طلبه وفى السعى إلى كل من ظنوا عنده قليلا منه؟ فلذلك قضت العادة المطردة القطعية بكذبهم واختلاقهم فيما زعموه من نص علَى علِىّ صح آحادا عندهم مع عدم اتصافهم برواية حديث ولا صحبة لمحدث كما تقرر. نعم روى آحادا خبر: أنت منى بمنزلة هارون من موسى. وخبر: من كنت مولاه فعلى مولاه. وسيأتي