المنصوص عليه من جهة الرسول، وإنهم منعوا أهل البيت ميراثهم، وإنهما كانا من أحرص الناس على الرئاسة والولاية الباطلة، مع ما قد عُرف من سيرتهما ـ كان من المعلوم أن هذا الظن لو كان حقا فهو أولى بمن قاتل عليها حتى غُلب، وسُفكت الدماء بسبب المنازعة التي بينه وبين منازعه، ولم يحصل بالقتال لا مصلحة الدين ولا مصلحة الدنيا، ولا قوتل في خلافته كافر، ولا فرح مسلم، فإن علياً لا يفرح بالفتنة بين المسلمين، وشيعته لم تفرح بها، لأنها لم تغلب، والذين قاتلوه لم يزالوا أيضا في كرب وشدة.
وإذا كنا ندفع من يقدح في علىّ من الخوارج، مع ظهور هذه الشبهة، فلأن ندفع من يقدح في أبى بكر وعمر بطريق الأولى والأحرى..
وإن جاز أن يظن بأبى بكر أنه كان قاصداً للرئاسة بالباطل، مع أنه لم يُعرف منه إلا ضد ذلك، فالظن بمن قاتل عَلَى الولاية ـ ولم يحصل له ... مقصودة ـ أولى وأحرى.
فإذا ضرب مثل هذا وهذا بإمامى مسجد، وشيخى مكان، أو مدرسى مدرسة ـ كانت العقول كلها تقول: إن هذا أبعد عن طلب الرئاسة، وأقرب إلى قصد الدين والخير.
فإذا كنا نظن بعلىّ أنه كان قاصدا للحق والدين، وغير مريد علواً في الأرض ولا فسادا، فظنُّ ذلك بأبى بكر وعمر ـ رضي الله عنهما ـ أولى وأحرى.
وإن ظن ظان بأبى بكر أنه كان يريد العلوّ في الأرض والفساد، فهذا الظن بعلىّ أجدر وأولى.
أما أن يقال: إن أبا بكر كان يريد العلو في الأرض والفساد، وعلىُّ لم يكن يريد علوّا في الأرض ولا فسادا، مع ظهور السيرتين ـ فهذا مكابرة، وليس فيما تواتر من السيرتين ما يدل على ذلك، بل المتواتر من السيرتين يدل على أن سيرة أبى بكر أفضل.