للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرسول ليقول القائل: رجل سوء كان له أصحاب سوء، ولو كان رجلا صالحاً لكان أصحابه صالحين.

ولهذا قال أهل العلم: إن الرافضة دسيسة الزندقة، وإنه وضع عليها. وطريق آخر أن يقال: الأسباب الموجبة لعلىّ ـ إن كان هو المستحق ـ قوية، والصوارف منتفية، والقدرة حاصلة، ومع وجود الداعى والقدرة وانتفاء الصارف يجب الفعل، وذلك أن علياً هو ابن عم نبيهم، ومن أفضلهم نسبا، ولم يكن بينه وبين أحدٍ عداوة: لا عداوة نسب ولا إسلام، بأن يقول القائل: قتل أقاربهم في الجاهلية.

وهذا المعنى منتفٍ في الأنصار؛ فإنهم لم يقتل أحداً من أقاربهم، ولهم الشوكة، ولم يقتل من بنى تيم ولا عدى ولا كثير من القبائل أحدا، والقبائل التي قتل منها، كبنى عبد مناف، كانت تواليه، وتختار ولايته، لأنه إليها أقرب. فإذا كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نص على ولايته، أو كان هو الأفضل المستحق لها، لم يكن هذا مما يخفى عليهم، وعلمهم بذلك يوجب انبعاث إرادتهم إلى ولايته، إذا لم يكن هناك صارف يمنع، والأسباب كانت مساعدة لهذا الداعى، ولا معارض لها ولا صارف أصلا.

ولو قُدِّر أن الصارف كان في نفر قليل، فجمهور المسلمين لم يكن لهم فيها صارف يصرفهم عنه، بل هو قادرون على ولايته. ولو قالت الأنصار: علىُّ هو أحق بها من سعد ومن أبى بكر ما أمكن أولئك النفر من المهاجرين أن يدافعوهم، وقام أكثر الناس مع علىّ، لاسيما وكان جمهور الذين في قلوبهم مرض يبغضون عمر لشدته عليهم، وبغض الكفار والمنافقين لعمر أعظم من بغضهم لعلى بما لا نسبة بينهما، بل لم يعرف أن علياً كان يبغضه الكفّار والمنافقون، إلا كما يبغضون أمثاله. بخلاف عمر، فإنه كان شديدا عليهم، وكان من القياس أن ينفروا عن جهة فيها عمر.

<<  <   >  >>