وعامة السابقين الأولين عاشوا بعد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إنما توفى منهم أو قتل في حياته قليل منهم.
والذين بايعوا عليا كان فيهم من السابقين والتابعين بإحسان بعض من بايع أبا بكر وعمر وعثمان. وأما سائرهم فمنهم من لم يبايعه ولم يقاتل معه، كسعد بن أبى وقاص، وأسامة بن زيد، وبن عمر، ومحمد بن مسلمة، وزيد بن ثابت، وأبى هريرة، وأمثال هؤلاء من السابقين، والذين اتبعوهم بإحسان.
ومنهم من قاتله، كالذين كانوا مع طلحة والزبير وعائشة ومعاوية من السابقين والتابعين.
وإذا كان الذين بايعوا الثلاثة وقاتلوا معهم أفضل من الذين بايعوا عليا وقاتلو معه، لزم أن يكون كل من الثلاثة أفضل، لأن عليا كان موجودا على عهد الثلاثة، فلو كان هو المستحق للإمامة دون غيره، كما تقول الرافضة، أو كان أفضل وأحق بها، كما يقوله من يقوله من الشيعة، لكان أفضل الخلق قد عدلوا عما أمرهم الله به ورسوله إلى ما لم يؤمروا به، بل ما نهوا عنه، وكان الذين بايعوا عليا وقاتلوا معه فعلوا ما أمروا به.
ومعلوم أن من فعل ما أمر الله به ورسوله كان أفضل ممن تركه وفعل ما نهى الله عنه ورسوله، فلزم لو كان قول الشيعة حقا أن يكون أتباع على أفضل. وإذا كانوا هم أفضل وإمامهم أفضل من الثلاثة، لزم أن يكون ما فعلوه من الخير أفضل مما فعله الثلاثة.
وهذا خلاف المعلوم بالاضطرار، الذي تواترت به الأخبار، وعلمته البوادى والحضار؛ فإنه في عهد الثلاثة جرى من ظهور الإسلام وعلوه، وانتشاره ونموه وانتصاره وعزه، وقمع المرتدين، وقهر الكفار من أهل الكتاب والمجوس وغيرهم ـ ما لم يجر بعدهم مثله.
وعلىّ رضي الله عنه فضّله الله وشرّفه بسوابقه الحميدة وفضائله العديدة، لا بما جرى في زمن خلافته من الحوادث، بخلاف أبى بكر وعمر وعثمان فإنهم