وفي كتاب وسائل الشيعة (١/٩٦:٩٠) تحت باب " بطلان العبادة بدون ولاية الأئمة، واعتقاد إمامتهم " يذكر تسعة عشر حديثاً في وجوب الإمامة، وكفر من لا يقول بها، ووجوب الرجوع في جميع الأحكام إلى الإمام، وإن ذلك شرط الايمان.
فالتكفير إذن لا يتعلق بنصب العداء فقط، وإنما يتعداه ليشمل كل أمة الإسلام، خير أمة أخرجت للناس، ماداموا ليسوا من الرافضة الذين يرفضون إمامة الشيخين أبى بكر وعمر، ويرفضون القول بعدم تكفيرهما، وهما كما ثبت متواتراً خير البشر بعد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وما جاء هنا يتفق مع ما ذكرناه من قبل عند الحديث عن تفسير الحسن العسكرى وعلى بن إبراهيم القمي، والكافي للكلينى، وغيرها من كتب الكفر والضلال، ولذلك فهو ينقل منها ومن أمثالها، ويكثر النقل من كتاب الكافي كما يبدو لمن يقرأ الوسائل.
والأخبار كلها تدور حول المعنى المراد من الباب، وضعها المفترون من غلاة الرافضة الضالين. وأعود هنا لتأكيد ما ذكرته من قبل من أن الغلو والضلال والكفر إنما هو للرواة وأصحاب الكتب الذين أرادوا أن يهدموا الإسلام من الداخل بتكفير نقلة الشريعة، وحملة الرسالة من خير البشر بعد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. أما الإمام الصادق الذي يكثرون من نسبة الأقوال إليه، وغيره من الأئمة الأطهار الأبرار، فهم بريئون من هذه الأباطيل والمفتريات.
وأذكر أن أحد الكتاب قابل هذا الغلو والضلال بمثله، فذكر خبراً من الأخبار التي وضعها غلاة الرافضة وزنادقتهم، غير أنه أثبت القول للإمام الصادق نفسه ـ وحاشاه ـ حيث قال:" قال صادقهم الكذب: "، وهذا ضلال لا يصح أن يصدر من مسلم، فالإمام الصادق ـ رضي الله عنه ـ أجل قدراً وأعظم منزلة من أن ينسب إليه الكذب، ولقد عبرت عن أسفي وحزنى، وذكرت هذا لشيخى الإمام محمد أبو زهرة ـ رحمه الله ـ فغضب غضباً شديداً، وعجب كيف يجرؤ أي مسلم على اتهام الإمام الصادق.