للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في كتابه طريقة فقه خالص، مبني على صريح الاجتهاد" (١)، ولذلك عزف الناس عن كتابه "وقالوا: جئنا بأخال، وأحسب، وتركت الآثار وما عليه السلف" (٢)، وهم في هذا ينهجون على خطوات إمامهم في عزوفه عن منهج غير المنهج الأثري الخالص.

عاد سحنون إلى القيروان بالمدونة بعد مراجعتها، وعكف عليها ترتيباً، وتنظيماً لأبوابها، ومسائلها، "فهذبها، وبوبها، ودونها، وألحق فيها من خلاف كبار أصحاب مالك ما اختار ذكره، وذيل أبوابها بالحديث، والآثار، إلا كتباً منها مفرقة، بقيت على أصل اختلاطها في السماع" (٣)، وأعطت للمدونة اسماً آخر هو (المختلطة). "فهذه كتب سحنون: المدونة والمختلطة" (٤).

"فالمدونة الموجودة بين أيدينا هي ثمرة جهود ثلاثة من الأئمة: مالك بإجاباته، وابن القاسم بقياساته، وزياداته، وسحنون بتنسيقه، وتهذيبه، وتبويبه، وبعض إضافاته" (٥).

"ضمت المدونة بين دفتيها حوالي ٣٦٠٠٠ (٦) مسألة؛ إلى


(١) أعلام الفكر الإسلامي (ص ٢٧).
(٢) ترتيب المدارك (٣/ ٢٩٨).
(٣) ترتيب المدارك (٣/ ٢٩٩)؛ وانظر: أعلام الفكر الإسلامي (ص ٢٨ - ٢٩).
(٤) المرجع السابق.
(٥) محاضرات في تاريخ المذهب المالكي (ص ١٧٧).
(٦) تختلف المصادر في تقدير ما احتوته المدونة من مسائل، فيرى فضيلة الشيخ ابن عاشور أن: "في المدونة وحدها أربعين ألف مسألة" (ومضات فكر (٢)، ص ٦٧)، في حين يرى الشيخ إبراهيم بن صالح بن يونس الحسيني أن مسائل المدونة تبلغ "اثنتين وثلاثين ألف مسألة"، (ندوة مالك، ١/ ١٤٣)، وفي ترتيب المدارك "ذكر بعضهم أن مسائل المدونة ستة وثلاثون ألف مسألة"، (٣/ ٣٦٧)، ونقل ابن فرحون في الديباج المذهب أن: "في المدونة ستاً وثلاثين ألف مسألة ومائتين، منها أربعة ممحوة" (٢/ ٢٠٨).

<<  <   >  >>