للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرأي (١)، وإذا كان أسد قد استطاع إقناع ابن القاسم بقبول الفكرة الجديدة، فإن سحنون، قرين أسد في التلقي عن ابن زياد، تصدى لهذه الفكرة الجديدة، والتيار الجديد، وأبي إلا أن يعود بفقه المالكية إلى النهج الاثري الخالص، الذي ارتضاه مؤسسه من قبل، فكانت رحلة سحنون بمدونة أسد إلى ابن القاسم يعرضها عليه، ويراجعه الرأي، "فكاشف ابن القاسم عن هذه الكتب مكاشفة فقيه يفهم" (٢). ورجع ابن القاسم عن بعض ما كان قد تبناه من آراء (٣)، ويعود سحنون بالمدونة: مالكية منهجاً فكرياً، ومادة علمية فقهية، وإن احتفظت بما اقتبسه أسد من المنهج العراقي في التأليف.

ويلخص فضيلة الشيخ محمد الفاضل بن عاشور الأسباب التي أدت إلى رفض المالكية للأسدية في سببين:

"الأول: هو أنه لما بنى إدراج مذهب على مذهب آخر؛ فقد وقع فيه من الاختلاط في الأقوال، والاختلال في عزوها أمور جاءت قادحة فيما يطلب في كتب الأحكام من الصحة المطلقة.

الأمر الثاني: هو أن فقهاء المالكية اعتادوا بناء الفقه على الأحاديث والآثار، كما هي طريقة مالك في الموطأ، وقد سلك أسد


(١) انظر: ترتيب المدارك (٣/ ٢٩٢).
(٢) ترتيب المدارك (٣/ ٢٩٨ - ٢٩٩)؛ وانظر: رياض النفوس (١/ ٢٦٣)؛ وابن خلدون، المقدمة (ص ٢٤٥).
(٣) المرجع السابق.

<<  <   >  >>