في حلقات سلسلة مؤلفات ابن أبي زيد، والتي ابتدأها (بالرسالة) لتكون كتاباً للمبتدئين من طلاب الفقه، ويأتي (مختصر المدونة) خطوة أعلى ليقدم كتاباً للمتقدمين من المتفقين (ثم النوادر) خطوة أعلى ليقدم كتاباً للمتقدمين من المتفقهين (ثم النوادر والزيادات)"لمن تقدمت له عناية بالعلم، واتسعت له دراية .. "(١)، فكان طبيعياً أن يكون (المختصر) حلقة الوصل بين المرحلتين، يجمع بين تركيز المادة العلمية، وتنقسيها، وتنظيمها، مع سعة المادة، واستيعابها؛ حتى يستطيع الدارس بعد ذلك الانتقال إلى مرحلة المتفقهين المتعمقين، ويكون تدرجه تدرجاً طبيعياً، ومما يشير إلى مثل هذا الاستنتاج أن ابن أبي زيد - مع التركيز في المختصر - أضاف إليه زيادات، شرحاً لمشكل، أو بياناً لمجمل، أو موضوعات لم تتطرق إليها المدونة، وذلك ليفتح الباب أمام الدارس على ما جد من آراء مذهبية، وترجيحات بحيث لا يكون غريباً عنها، حيث ينتقل إلى المرحلة العليا.
تلقى علماء المالكية (مختصر المدونة) بما يستحقه من تقدير، وأولوه من العناية ما هو به جدير، فكان من الكتب التي حظيت بالاتفاق على اعتمادها، والتعويل على ما جاء فيها.
(١) كتاب الجامع (مقدمة أبي الأجفان، وزميله، ص ٤٤).