للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عرفة كما نبه على ذلك شراحه، ومن يومئذ أصبح لا يرى شرح لمختصر خليل، ولا حاشية على شرح له إلا ومدار التحقيق على كلام ابن عرفة" (١).

إن النتيجة الحتمية لهذا التواصل المطرد بني المدرستين المالكيتين (المصرية والمغربية ممثلة بتونس) - كما صوره بإسهاب فضيلة الشيخ ابن عاشور في النص السابق - هو تلاشي النزعة الانفرادية بين المدرستين، وانصهارهما في بوتقة الوحدة المذهبية المالكية، ومما لا شك فيه أن الرحلات العلمية بين علماء هذين القطرين وغيرهما من الأقطار الإسلامية كان لها أثر كبير في خلق المناخ العلمي لهذه الوحدة المالكية.

فـ "منذ نشوء الحركة العلمية في أقطار المغرب لم تنقطع رحلة علمائه إلى المشرق إلا في عصور الفتن والاضطرابات، وهذه الرحلات لها أثرها في انتقال مؤلفات المغاربة إلى الشرق، ومؤلفات المشارقة إلى الغرب، وما يتبع ذلك من تلقيح لمناهج التدريس، وأساليب التأليف، ومن توفر المادة، وتعدد المصادر أمام الباحثين والدارسين" (٢)، فاندمجت الآثار العلمية في بعضها، وتلاشت الاختلافات الجذرية إلا ما كان من طبيعة الاجتهادات الفردية التي تظهر بين علماء المدرسة الواحدة.


(١) ومضات الفكر (٢) (ص ٤٠٥ - ٤١٢).
(٢) تراجم المؤلفين التونسيين (٢/ ٣٢٩ - ٣٣٠).

<<  <   >  >>