للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكما لم يتغير في القرن الثامن، فكذلك ما بعده إلى القرن الثاني عشر حيث ضعفت العناية بالفقه ... ، وإنما قصارى ما وقع هو إثراؤه وجمعه بصورة تلم ما وزع في الأمهات ببسط ... ، فكان عمل المتأخرين هو لمّ المتفرق، والتنسيق بين مسائله" (١).

توسع علماء المالكية المتأخرين في الأخذ بمبدأ ما جرى به العمل، بل إن "العمل أصبح مصدراً رسمياً للتشريع، لذلك نرى المغاربة أكثروا منه، وأقبلوا، وتنافسوا في الأخذ به، حتى كان ذلك بسبب انتشاره وتنوعه" (٢).

كان لتطبيق قاعدة ما يجري به العمل دور إيجابي في تطور آراء المذهب وترجيحاته مراعاة لمصلحة عامة أو خاصة، ومعايشة لحاجة المجتمعات المختلفة وأعرافها والفروقات الاجتماعية بينها.

على أن التوسع في تطبيق هذه القاعدة، وبخاصة العمل المحلي، كان له تأثير سلبي على وحدة تطبيق المذهب، واستقرار آرائه، وأوجد تبايناً ملحوظاً في ترجيحاته التي كانت تختلف باختلاف المدن أحياناً، ناهيك عن الأقاليم. هذا الجانب السلبي - وغيره - حدا ببعض العلماء إلى الوقوف موقف الناقد من


(١) موطأ مالك، قطعة منه برواية ابن زياد (مقدمة المحقق، ص ١١ - ١٢).
(٢) الجيدي، عمر بن عبد الكريم، العرف والعمل في المذهب المالكي (ص ٣٧١).

<<  <   >  >>