للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التالية لهم من المالكيين كانت أكثر ظهوراً، وأقوى تأثيراً، فقد بلغ المذهب المالكي ذروته في بغداد أيام قضاء آل حماد بن زيد (١) (٢)، وظهر منهم إسماعيل القاضي أحد الذين شهد لهم بالاجتهاد بعد مالك (٣).

والمدرسة العراقية هي وليدة مدرسة المدينة، غير أن منهجها الفقهي تأثر بالبيئة الفقهية في العراق، والتي كان منهج مدرس "أهل الرأي" السائد فيها والمتغلب. ونتيجة لهذا التأثر تميزت مدرسة العراق المالكية بميلها إلى التحليل المنطقي للصور الفقهية، والاستدلال الأصولي، وذلك بـ "إفراد المسائل، وتحرير الدلائل على رسم الجدليين، وأهل النظر من الأصوليين" (٤)، وهو المنهج الذي يشار إليه عند المالكية المتأخرين


(١) انظر: ترتيب المدارك (١/ ٢٤).
(٢) (*) آل حماد بن زيد: "كانت هذه البيئة على كثرة رجالها، وشهرة أعلامها، من أجل بيوت العلم بالعراق، وأرفع مراتب السؤدد في الدين والدنيا، وهم نشروا هذا المذهب هناك، ومنهم اقتبس ..... ، روى عنهم في أقطار الأرض، وانتشر ذكرهم ما بين المشرق والمغرب، وتردد العلم في طبقاتهم وبيئتهم نحو ثلاثمائة عام، من زمن جدهم الإمام حماد بن زيد .. ، إلى وفاة آخر من وصف منهم بعلم، المعروف بابن أبي يعلى، ووفاته قرب أربعمائة عام".
ترتيب المدارك (٤/ ٢٧٦ - ٢٧٧)؛ وانظر: المرقبة العليا (ص ٣٢ - ٣٣).
(٣) قال الباجي: "ولم تحصل هذه الدرجة بعد مالك إلا لإسماعيل القاضي". ترتيب المدارك (٤/ ٢٨٢).
(٤) أزهار الرياض في أخبار عياض (٣/ ٣٢)؛ وانظر: أعلام الفكر الإسلامي (ص ٥١ - ٦١).

<<  <   >  >>