للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وضع بذورها تلاميذ مالك وعلى رأسهم زياد شبطون، ودعمها يحيى بن يحيى الليثي، الذي حضر وفاة مالك (١)، ومن ثم فهو يمثل آخر التطورات في السماعات عن مالك، بل تعتبر روايته للموطأ أشهر الروايات، وأكثرها تداولاً بين العلماء (٢). ولكن ذلك لم يحجب مدرسة مصر من أن يكون لها الحفظ الأوفر من التأثير في الفكر الفقهي الأندلسي، فقد أضحى قول ابن القاسم هو الذي يحكم به في محاكم قرطبة (٣) - حاضرة بلاد الأندلس في وقتها -، بل لم تتجاوز المسائل التي خالف الأندلسيون فيها رأي ابن القاسم ثماني عشرة مسألة فقط، مخالفين رأي مالك في أربع مسائل فقط (٤).

استطاع المنهج المصري أن يصمد، وأن يسود، وأن يستمر تأثيره، حتى بعد محاولة عبد الملك بن حبيب - زعيم مدرسة الأندلس بعد يحيى بن يحيى - العودة بمدرسة الأندلس إلى منهج مدرسة المدينة المالكية، وهي محاولة لم يكتب لها النجاح (٥).


(١) ترتيب المدارك (٣/ ٣٨١).
(٢) كشف المغطى (ص ٣٩)، الكاندهلوي، محمد زكريا، أوجز المسالك إلى موطأ الإمام مالك (١/ ٤٢).
(٣) نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب (٤/ ٢٠٢).
(٤) الأزدي، هشام بن عبد الله، المفيد للحكام فيما يعرض لهم من نوازل الأحكام (مصورة من مخطوطة الأسكوريال، لوحة ١٣٩).
(٥) عن تأثير المدارس المالكية المختلفة على بعضها بانتقال المؤلفات، وتبادل السماعات، انظر: وضمات فكر (٢)، (ص ٦٦ - ٦٧).

<<  <   >  >>