للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

و"فضل كتاب الموطأ على كتب الأحاديث هو أنه الكتاب الذي ربطت به حلقات العلم النبوي ممتَّنة، متوالية منذ أن تلقيت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أن اجتمعت عند مالك رضي الله عنه (١).

أما منهج الكتاب فقد نظم مالك الموطأ "على أبواب بحسب ما يحتاجه المسلمون في عباداتهم، ومعاملاتهم، وآدابهم من معرفة العمل فيها، الذي يكون جارياً بهم على السَنَن المرضي شرعاً، فإن الأمة ما قصدت من حفظ كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأفعاله إلا للاقتداء به في أعمالهم، وقد تبعه على هذا التبويب البخاري، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، ومسلم في خصوص العنوان بالكتب من صحيحه.

وجعل مالك فيه باباً جامعاً في آخره، ذكر فيه ما لا يدخل في باب خاص من الأبواب المخصصة بفقه بعض الأعمال. قالوا: ومالك - رحمه الله - أول من عنون كتاباً من كتب مصنفه بكتاب الجامع (٢)، وأضاف إلى ذلك ما استنبطه من الأحكام في مواقع


(١) موطأ مالك برواية ابن زياد (مقدمة المحقق، ص ٥٣).
(٢) "وهذا الأسلوب في تبويب المسائل الذي يدرج جانباً منها تحت عنوان (الجامع) يختص بالتأليف في مذهب مالك، كما يلاحظ شهاب الدين القرافي الذي يقول في هذا الصدد: "لا يوجد في تصانيف غيره من المذاهب، وهو من محاسن التصنيف، لأنه يقع فيه مسائل لا يناسب وضعها في ربع من أرباع الفقه، أعني العبادات، والمعاملات، والاقضية، والجنايات، فجمعها المالكية في أواخر مصنفاتهم وسموها بـ (الجامع)، أي جامع الأشتات من المسائل التي لا تناسب كتاباً من الكتب، وهي ثلاثة أجناس: ما يتعلق بالعقيدة وما يتعلق بالأقوال، وما يتعلق بالأفعال .. ".
القيرواني، ابن أبي زيد، كتاب الجامع (مقدمة المحقق أبي الأجفان، وزميله، ص ٨٦)؛ انظر: الذخيرة (مقدمة المحقق ١/ ١٣).

<<  <   >  >>