أما قولنا:(ما قام القوم إلا بعيراً)، هنا يتعين النصب، لأن البعير ليس من جنس القوم، فالاستثناء منقطع، فيجب النصب هنا لتعذر البدلية، وعلى هذا إذا قال قائل: ما قام القوم إلا بعيرٌ قلنا: هذا خطأ، لأن الاستثناء منقطع فيجب النصب، وإذا قلت:(ما قام إلا زيدٌ) بالرفع؛ لأن ما قبلها ناقص منفي، فيجب أن تقول:(ما قام إلا زيدٌ)، وفي قولنا:(ما رأيت أحداً إلا زيداً) هذا تام منفي، وهذا منصوب على كل حال، ويجوز الوجهان، لكنه منصوب لأنك إن قلت: ما رأيت أحداً إلا زيداً، هو مستثنى فهو منصوب، وإن أعربته بدلاً فهو منصوب، إذاً يجوز الوجهان إعراباً أما شكلاً فلا يجوز إلا وجهاً واحداً وهو النصب، لأنك حتى وإن جعلته بدلاً سيكون منصوباً.
وفي الآية هنا {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا} تام موجب، فالذين إذاً في محل نصب. {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} آمنوا بقلوبهم، وعملوا الصالحات بجوارحهم.
والعمل يطلق على القول والفعل، بخلاف الفعل فإنه يطلق على فعل الجوارح والقول على قول اللسان. {الصَّالِحَاتِ} هذه صفة لموصوف محذوف، أي: عملوا الأعمال الصالحاتِ، وجمعها باعتبار أنواع الصالحات: صلاة، وصدقة، وصيام، وحج، وبر، وصلة، وأنواع كثيرة فلهذا جمعت. وأحياناً يقول: عَمِلَ صالحاً فيفرد باعتبار جنس العمل على سبيل العموم.
والأعمال الصالحات قال أهل العلم: هي ما جمعت شرطين، وهما: الإخلاص لله، والمتابعة لرسوله - صلى الله عليه وسلم -، فلا صلاح مع شرك،