قال الله تعالى:{إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} إلا: أداة استثناء وما بعدها في محل نصب، لأن الجملة السابقة كلام تام موجب، وإذا سبق الاستثناء كلام تام موجب وجب النصب. قال ابن مالك:
ما اسْتَثْنَتْ إلاّ مع تمامٍ يَنْتَصِبْ ... وبَعْدَ نَفْى أو كَنَفْيٍ انْتُخِبْ
إتباعُ ما اتَّصَلَ وانْصِبْ ما انْقَطَعْ ... وعَنْ تميمٍ فيه إبدالٌ وَقَعْ
ولتمام الفائدة: إذا جاءت "إلا" بعد كلام تام موجب وجب نصب ما بعدها على الاستثناء، وإذا جاءت بعد كلام تام منفي، أي: مستكمل المفاعلة لكنه منفي، جاز فيما بعدها وجهان: الأول: النصب على الاستثناء، وإتباع ما بعدها لما قبلها في الإعراب، إلا إذا كان الاستثناء منقطعاً، أي: أن ما بعد "إلا" ليس من جنس ما قبلها فيجب النصب، وإذا وقعت "إلا" بعد كلام منفي ناقص كانت بحسب العوامل التي قبلها، إن كان العامل يقتضي رفعاً رُفع، وإن كان يقتضي نصباً نُصب، وإن كان يقتضي جرّاً جُر،
ونضرب لذلك أمثلة:(قام القومُ إلا زيداً)، بالنصب، لأن الكلام تام موجب. قام القومُ تم الكلام، موجب ليس به نفي، فتقول: إلا زيداً، وإذا قلت:(ما قام القوم إلا زيداً، أو إلا زيدٌ) جاز الوجهان الرفع على البدل، والنصب على الاستثناء، فيجوز أن تقول:(ما قام القوم إلا زيدٌ) بتنوين ضم، أو (ما قام القوم إلا زيداً) بتنوين الفتح.