للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١٥ - ومن فوائد الآية في قوله: {رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ (٣٣)}: جواز التعزير بإتلاف المال، وهذه مسألة اختلف فيها الفقهاء، هل يجوز أن نعزر الإنسان بإتلاف ماله؟ أو لا يجوز؟ فمن العلماء من قال: إنَّه لا يجوز؛ لأنَّ إتلاف المال إفساد له، ويمكن أن نعزره بأخذ المال دون إتلافه. نأخذه منه وننفقه في جهة نافعة.

ومنهم من قال: بل إن ذلك جائز، واستدلوا لذلك بأن الغالّ من الغنيمة الذي يكتم ما غنم يحرَّق رحله، وهذا إتلاف له، مع أن الجيش قد يكون فيه حاجة إلى ماله، ومع هذا أُتلف، وهذا هو القول الراجح: أنَّه يجوز التعزير بإتلاف المال؛ أولاً: لدلالة السنة على ذلك. ثانياً: لأنَّ إتلافه أنكى وأعظم أثرًا؛ لأنَّه لو أُخذ وجعل في مصالح صار التنكيل خفياً، ثم قد يكون فتح باباً للولاة الظلمة إذا أرادوا المال أقاموا دعوى على شخص ما ثم قالوا: نعزره بأخذ ماله، ثم يأخذون ماله على أن يكون في بيت المال، ولكنه سيكون في جيوب هؤلاء الظلمة، فإذا قلنا: بأنه يحُرق ويُتلف أمام النَّاس، زال هذا المحظور، وبناء على ذلك إذا وجدنا مع الإنسان آلة لهو تصلح أن تستخدم في غير اللهو، وعزرناه بتكسيرها. كان ذلك سائغاً ولا نقول: حوِّلها إلى آلة غير آلة اللهو، لأن إتلافها أمام النَّاس أنكى وأشد مما لو أتلفت بإنفاقها في جهة ما.

١٦ - ومن فوائد الآية: أن الإنسان لا بأس أن يعزر نفسه بإتلاف ماله بنفسه لفعل سليمان عليه الصَّلاة والسلام. فلو فرضنا أن الإنسان اشتغل بشيء معه عن ذكر الله تعالى وأراد أن يكسره،

<<  <   >  >>