للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سليمان، ويقولون له: لست سليمان، لأنَّ سليمان جالسٌ على كرسي المُلك، فأما أنت، فلستَ سليمان. فكيف ستكون حسرته؟ لا بد أن تكون حسرة شديدة وهذا هو القول الأوَّل.

وقال بعض العلماء: إن الله سلط شيطاناً دون أخذ الخاتم وبقطع النظر عن كون المُلك في الخاتم، وأنَّه أعطاه امرأته، وأنّ الِجنِّي جاءها، وأخذه منها، يقول الله تعالى: {وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا} يعني في غيبة سليمان، لأنّ سليمان ليس دائماً على الكرسي، ولكنّ الله تعالى سلّط عليه شيطاناً، جلس على الكرسي، جعل يدبِّر شؤون الدولة، وسليمان لما جاء إلى مكان جلوسه وجده مشغولاً بهذا العفريت، وعَجَزَ عن إنزاله عن الكرسي، وعن تولِّي تدبير شؤون الدولة، فعرف أنَّه مفتون، وأن الله تعالى سلّط عليه هذا الشَّيطان ليختبره. هذا قول بعض العلماء.

وقد رُوي عن ابن عباس- رضي الله عنهما - أنَّه شيطان، ولكن ابن عباس -كما هو معلوم- كان قد أخذ عن بني إسرائيل كثيرًا، وربما يكون هذا مما أخذه.

والقول الثالث: أنّ الجسد هو شقّ الولد، الذي اختبر الله تعالى به سليمان عليه السَّلام، حيث قال: "لأطوفنّ الليلة على تسعين امرأة تلد كل واحدة منهن غلاماً يقاتل في سبيل الله". حلف أن يطوف -يعني يجامع تسعين امرأة- وأنّ كل امرأة تلد غلاماً يقاتل في سبيل الله، فقال له المَلَك: قل: إن شاء الله، فلم يقل اعتماداً على ما في نفسه من العزم على تنفيذ ما أراد، فنفَّذ ما أراد، وجامع تسعين

<<  <   >  >>