امرأة، ولكن ما أراده لم يتمكن منه، وهو أن تلد امرأة غلاماً يقاتل في سبيل الله، لأنَّ إرادة الله هي النافذة، فلم تحمل منهن إلَّا امرأة واحدة، فولدت شق إنسان (١)، لأجل أن يعرف سليمان وغيره أنّ الأمر بيد الله، وأنَّه لا يجوز أن يتألّى أحد على ربه سبحانه وتعالى.
يقول بعض المفسرين: إن هذا الولد هو الجسد، لأنَّ هذا الولد ليس كامل التدبير، نصف إنسان كيف يدبِّر؟ هذا هو الذي أُلقي على الكرسي ففتن به سليمان عليه السَّلام.
القول الرابع: أن قوله: {وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا} يعني بها سليمان نفسه، أي: ألقيناه هو نفسه على الكرسي جسداً، والجسد هو الذي لا يدبِّر، وليس عنده تفكير، أي: أن الله سلب من سليمان تفكيره الذي يدبِّر به شؤون مملكته فصار لا يحسن التدبير، ومَن لا يحسن التدبير كالجسد بلا روح، فيكون المراد بالجسد سليمان نفسه، ويكون تقدير الكلام: وألقيناه جسداً على كرسيه لا يحسن التدبير، وهذا أيضاً قريب، أن الله تعالى يسلب عن الإنسان عقله وتفكيره حتَّى يكون جسداً بلا روح، ومن المعلوم أن مملكة عظيمة كمملكة سليمان إذا فُقد منها المدبِّر سوف تتخلخل وتتزعزع.
فهذه أربعة أقوال في معنى قوله: {وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ (٣٤)}.
(١) انظر "صحيح البُخاريّ"، كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى: {وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ} (٣٤٢٤)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب الاستثناء (١٦٥٤) (٢٥).