للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيقرأ في ماء، ويذهبون به ويمسحون به ما حول المنطقة، وتشرب منه الحامل، فتضع بدون ألم، وهذا شيء مجرّب ومشاهَد، وهذا أهون بكثير من المعالجة بالأدوية الحسية المادية، فهو عليه الصَّلاة والسلام لجأ إلى الله، وطلب الشفاء منه، وهذا صبرٌ على طاعة الله، فحصل له أنواع الصبر كلها.

ثم قال تعالى: {نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (٤٤)}. صبر أيوب عليه السَّلام هذا الصبر العظيم على المرض وفقد الأولاد وفقد الأهل، ومع ذلك لم ينس الله عزَّ وجل، لجأ إليه عند الشدائد.

وقوله: {نِعْمَ الْعَبْدُ} نعم: فعل ماضٍ جامد لإنشاء المدح، والعبد: فاعل. وهذا الفعل وشبهه، يحتاج إلى شيئين: إلى فاعل ومخصوص بالمدح، فإن تقدَّم ما يدل على المخصوص، اُستغني بما تقدَّم، وإلا فإنَّه يقدّر، وإن كان ظاهراً، فظاهر، فمثلًا هنا {نِعْمَ الْعَبْدُ} السياق يدلُّ على المخصوص، وحينئذٍ لا حاجة إلى تقديره، لأنَّه من المعروف أنّ العبد هو أيوب، فلا حاجة إلى التقدير. ولكن بعض النَّحويين يقدر ولو عُلِم، لأنَّه يرى أَنَّه لا بد من ذكر الفاعل والمخصوص. فيقول المؤلف: [{نِعْمَ الْعَبْدُ} أيوب] أيوب هو المخصوص، والعبد فاعل.

{إِنَّهُ أَوَّابٌ} هذه جملة استئنافية تعليلية، تعليلاً للثناء على أيوب أَنَّه نعم العبد، لأنَّه كان {أَوَّابٌ} أي: رجّاع إلى الله عزَّ وجل.

<<  <   >  >>