بحالهم، وقوله:{مِّنهُم} نسباً وجنساً، فهو منهم جنساً؛ لأنه بشر، ولم يُنزِل الله رسولاً على البشر من الملائكة. ونسباً؛ لأنه من قريش فهو منهم جنساً ونسباً، ومع ذلك عجبوا.
قال المؤلف:[رسولٌ من أنفسهم ينذرهم ويخوِّفهم النارَ بعد البعث] أي: بعد أن يبعثوا [وهو النبي - صلى الله عليه وسلم -]، عجبوا عجب استنكار ورفض ورَدٍّ مع أنهم كانوا يصفون الرسول - صلى الله عليه وسلم - بالصادق الأمين، ولما جاءهم بالرسالة صار كاذباً خائناً -والعياذ بالله- إذاً معاداتهم له ليس لشخصه، ولكن لِمَا جاء به.
قوله تعالى:{وَقَالَ الْكَافِرُونَ} فيه وَضْعُ الظاهر موضع المضمر، ويكون الكلام لو أُتيَ بالمضمر، وعجبوا أن جاءهم منذر منهم، وقالوا: هذا ساحر كذاب، لكن قال:{وَقَالَ الْكَافِرُونَ} والفائدة من الإظهار في موضع الإضمار:
أولاً: تنبيه المخاطب، لأن الكلام إذا تغير نسقُه أوجب للسامع أن ينتبه بخلاف ما إذا كان على نسق واحد، فقد يأتيه النوم، لكن إذا اختلف انتبه.
ثانياً: التسجيل على هؤلاء بالكفر لأنه لو قال: وقالوا هذا ساحر كذاب، لم نعرف حكمهم، أما إذا قال:{وَقَالَ الْكَافِرُونَ} عرفنا أنهم كافرون.
ثالثاً: أن الحامل لهم على هذا هو الكفر، فلا يبعد أن يأتي مِن غيرهم مثل ما أتى منهم، لأن العلة واحدة، فمتى وجدت هذه العلة